بسم الله الرحمن الرحيم
الوحش البشري
في قديم الزمان في قرية صغيرة تحيط بها الجبال العالية والأشجار الكثيفة المخضرة والازهار ذات الألوان والروائح الفواحة التي تحملها الرياح في كل ركن من أركان تلك القرية الصغيرة، ولد طفل صغير لامثيل له بين كل أطفال تلك القرية بل في كل بقاع العالم أجمع، حيث كان ذلك الطفل بإبتسامته البريئة ذو وجهين فقد كان نصف وجهه أسود كسواد الليل والنصف الآخر من وجهه أبيض كبياض السحب فوجئ الوالدين بطفلهما ذو الشكل الغريب والمخيف ومع ذلك فقد أحباه كثيراً وقررا أن يحطانه بكل ما يملكان من حب وحنان حتى لايشعر ذلك الطفل بأنه مختلف من بقية الأطفال وقد أسمياه ليو.
وبعد سنوات قليلة كبر ليو ذو الوجهين وخرج يلعب من بقية الأطفال في مثل سنه ولكن في اللحظة التي يرى فيها أولئك الأطفال وجه ليو يهربون فزعين إلى أمهاتهم من مظهره وهكذا كان يقضي ليو أوقاته وحيداً اما بالسير بجانب النهر أو بتسلق الأشجار، وبعد مرور سنوات كبر ليو ذو الوجهين وأصبح شاباً قوياً يساعد والده في زراعة الحقل وحصاده وفي يوم عادي مثل الأيام التي سبقتها خرج ليو الذي اصبح شاباً يعتمد عليه والداه كثيراً مع أبيه الى سوق القرية ليبيعا ما حصداه من عملهما الشاق والدؤوب في الحقل ولكن لم يجروء أحد على الاقتراب منها خوفاً من ذلك الشاب الذي يقف بجانب والده، وفجأة هبت رياح قوية تنبؤ بالشر حيث ظهرت مجموعة من شباب تلك القرية وبدؤا يلقون بالحجارة والأخشاب وكل شيء يجدونه على ليو ذو الوجهين ووالده مما جعلهما يعودان الى منزلهما خائبين يملأهما الحزن والألم من تصرف سكان القرية معهم، على الرغم من أنهم قضوا حياتهم وهم جزء من تلك القرية ولم يؤذوا أحد يوماً، ومنذ ذلك اليوم أصبح الوالد يذهب الى السوق وحده، وهو يجر تلك العربة المحملة بكل أنواع الخضر يومياً وكان يترك ولده ذو الوجهين ليساعد والدته في المنزل ويهتم بالحقل أثناء غيابه.
شعر ليو بألم وحزن وغضب يهز كيانه من سكان قريته ولكنه كان غاضباً من نفسه أكثر لإحساسه بأنه السبب في معنان وشقاء والديه وهكذا تحولت الأيام الى أسابيع والأسابيع الى اشهر وأعوام وتوفي والده بسبب كل ذلك العمل الشاق بعد أعوام قليلة وازداد حزن وغضب ليو ذو الوجهين لكنه كبت كل ذلك الحزن والألم والغضب عميقاً داخل قلبه لإداراكه أن والدته بحاجة اليه ليكون بجانبها أكثر من قبل وهكذا بدأ ليو يتنقل من بيت الى آخر ومن قرية الى أخرى بحثاً عن أي عمل يجده لكي يعيش منه والدته التي أصبحت طريحة الفراش نتيجة المرض، وفي أحد الأيام سمع عن وود منجم للذهب على بعد ثلاثة أميال من قريته بالقرب من أحد الجبال يعمل به عاملون ينقبون بحثاً عن الذهب فإتخذ ليو قرار الذهاب الى ذاك المنجم عسى ان يجد عملاً يوفر له بعض المال لشراء الدواء لأمه المريضة وبالفعل استطاع ليو ذو الوجهين العمل في المنجم بعد تردد كبير من أصحابه والعاملين فيه نظراً للقوة الكبيرة التي كان يتمتع بها ليو ذو الوجهين نتيجة كل تلك السنوات من العمل في الحقل.