الفَصلُ الأوّل

2.7K 107 25
                                    

وضعتُ خططًا كثيرةً للمستقبلِ ولكنّي لم أرَي أيًّا مِن هذا قادمًا، جالسةٌ علي الأرض الباردة، يَداي مقيّدتان خلفَ ظهري.

ظلامٌ شبه دامسٍ احتلّ الغرفة عدا بعضِ الضّوءِ الذي تسلّل من الباب الحديديّ المفتوح، بجانبِه وقفَ بملابسِه السّوداء يستندُ إلي الحائط خلفه.

مُمسكًا بسيجارةٍ بين إصبعيه، يُحدّقُ بي بعينيه الزّرقاء التي تلمعُ بين الظلامِ بابتسامةٍ استطعتُ تمييزها جيّدًا.

تأمّلتُ خيوطَ الدّخّان الرفيعةِ تختفي في ظلامِ سقفِ الغرفةِ، في الوَاقِعُ أنا مُستعدّةٌ لأُقتُل حتّي أحصل علي واحدةٍ الآن.

لطالما أحببتُ التّدخين ولكنّني لم أتوقّع أنّني سأُدخّنُ بالفعل، وضعتُ في مُخيّلتي أشياءً كثيرةً أريدُ فعلها ولكنّ الجُزءَ الوَاقعيّ داخلي كانَ دائمًا يُغطّي علي أفكاري، بأنّها فقط بضعُ أحلامٍ ستختفي مع الوقتِ عندما أحصلَ علي وظيفةٍ أُخري لا أُحبّها و أرَي كيفَ ستُحطّمني الحياة.

لما أقُولُ هذا الآن أخيرًا؟ لأنّني ببساطةٍ أشعرُ بالنّدم.

أنا لا أعلمُ عنكَ ولكنّني أكرهُ الشّعورَ بالنّدم، وخاصّةً إن كنتَ تعلمُ مُسبقًا أنّك ستندمُ ولكنّكَ لم تهتمّ علي أيّ حالٍ.

لستُ من النّوعِ الذي يندمُ علي الكثيرِ ولكنّني بالفعل أفسدتُ كلّ شيءٍ وأكرهُ الإعترافَ بذلك، أخطأتُ بشدّةٍ.

لطالما كنتُ عقلَانيّةً إلي حدٍّ ما، أُهمّشُ المشاعر الغير أساسيّة، أزِنُ كلّ شيءٍ بدقّةٍ تامّةٍ دون التحيّزِ للانفعال أو ردودِ الفعلِ المُبالغِ بها.

بمعنًي آخر، كنتُ بَاردةً.

ورغمَ أنّني لا أُحبّ تسميَةَ النّاس له بالبرود، إلّا أنّني فقط أطلقتُ عليه 'القدرةِ علي التّحمّل'.

كنتُ أملكُ القدرةَ علي ذلكَ أكثرَ من المُعتاد، لم تكُن مشاعِري باردةً، فأنا كنتُ أشعرُ بكلّ شيءٍ ولكنّني فقط أستطيعُ أن أُخفي .

وكانَ ذلكَ في رأيي أفضلُ تطوّرٍ لعقلِ الإنسان، لكنّني استهلكته.

استهلكته ولم أُفكّر في الشّيءِ الوحيد الذي تعلّمتُه في مرحلةٍ إدراكي لطبيعةِ النّفسِ البشريّةِ، التّغيّر.

الطّبيعةُ البشريّة والتي مهما قاومها الإنسان ستظلّ هناك دائمًا تقفُ وتشاهدُ باستمتاعٍ كيفُ تُسيطرُ علي شيءٍ وبإرادتنا الكاملة.

عن نفسي أنا كنتُ أكرهُ تغيّير بعضَ الأشياءِ، أرتدي نفس الخاتم الفضيّ منذُ عامٍ ونصف تقريبًا، أُفضّلُ نفسَ نوعَ الشوكولا، نفسُ نوعَ الحذاءِ، قد أضعُ خلفيّةً لشاشةِ هاتفي ولا أُغيّرها.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 23, 2021 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

AMARAحيث تعيش القصص. اكتشف الآن