وصلنا هناك عند العاشرة تقريباً، اي انه تبقى للمسابقة ساعة حتى تبدأ، تركتنا سيارة الاجرة على باب مديرية التعليم، حيث كان حارس يجلس عند طرف البوابة في غرفة محكمة الحماية، ويتوسط جدارها المقابل للشارع نافذة من الزجاج المقوى وقد ثُقبت ببعض فتحات صغيرة لتسمح بعبور الصوت. كانت غرف الحراسة هذه مستهجنة عندي، كما كان مدخل المديرية بعد المرور عن البوابة الرئيسية كذلك ، لم أرَ حتى ذلك الوقت مبنى بهذه الهيبة والقدرة على اثارة الدهشة، كان علاء يحدث الحارس مستفسراً عن مكان المسابقة ، وانا اعد الدرجات الخمس التي سنخطوها قبل الدخول، كانت الدرجات الرخامية مقوسة للخارج تكسوها زخارف عشوائية تعطيها ملمس مجعد عندما تخطوها، وتنتصب بعد الدرجة الأخيرة أعمدة غليظة كأنها تحمل المبنى وحدها، لها لون الدرجات ذاته، والتجاعيد ذاتها. جعلت أصابعي تتراقص عندما مررتها عليها ، لكن جمال ملمسها ضاع مني عندما سرق انتباهي تزاحم الناس على هذا المدخل .أليس بالإمكان أن يلجأ الإنسان إلى لمس اعمدة غليظة لكي يشعر بالقليل من الأمن، ألا يسمح اجتماع الناس له بذلك! وفد يومئذ اصناف عديدة إلى المديرية ، طلاب ومعملين، وجاء الطلاب من كل القطاع ليشاركوا في المسابقة ، وتعجبت من عدد المشاركين الذي لم أكن أتوقع ربعه ،حتى أخبرَنا إعلانٌ معلق بأن المسابقة لا تقتصر على الشعر ،فزال عجبي ،وزال عجبي من فتيات كن يحملن لوحاتهن ، ومن فتيان كانوا يتدربون على بعض الاغنيات ، وكل مشغول بنفسه يبحث عن زميل او يسأل عن مكان أو يقوم بتجربة شيء ما ، أما أنا فقد وقفت مذهولا ًوقد تملكني الجبن، جعلت أنظر الناس حولي كأنني قد ضللت، وألجأ إلى علاء بأسئلة عديدة لم يجب اي منها، وقفت بارداً صامتاً لا آتي حراكاً كأن كل شيء يتحرك سواي ، أخذت أبحث عن قرار ولم أجد ،و بقيت في حيرتي لمدة ،أنا لم أتجهز لشيء مما أرى،لقد رأيت وجوهاً يبدو علهيا أنها لم تنم ليلتها لشد ما تدربت على هذه الساعة .وانا اخر مرة قرأت فيها القصيدة التي سانافس بها كانت قبل شهور . طبعتها على ورقة في الصباح، وحتى لم أقرأها في الطريق. وقد أخبرني مساعد مدير المدرسة عن هذا الأمر بالأمس فقط، ولو حدثك ما حدثني لعلمت ان عليك ان تذهب غدا لتفوز بالمسابقة لما كان الامر بسيطاً بوصفه. سألت علاء اذا كنت مجبراً على القيام بهذا الأمر. ولو انه تردد في الاجابة لانسحبت من فوري، وكانت الأصوات متزاحمة كأقدام أصحابها لا تفهم منها كلمة واحدة، ، ثم توجهت لموظفة الاستقبال أسألها عن مكان مسابقة الشعر، فإن علاء لم يعرف من الحارس إلا أنه يجب علينا أن نسأل الاستقبال. بعد ان اعطتنا قصاصة كُتب عليها رقم الغرفة والقسم الموجود عليها.. قسم المؤتمرات، انطلقنا اليها، وفي المسافة التي بين الاستقبال ومكان المسابقة قرأت القصيدة مرتين، لا أدري كيف أخرجتها من جيبي وفتحتها وقرأتها،ولكني لم أتوقف عن القراءة إلا عندما وصلنا قاعة كُتب على رأس بابها '' المسابقة الشعرية ''.
انتهى الجزء الأول... الجزء الثاني قريبا،،ً آراءكم تهمني فلا تحرموني ..
أنت تقرأ
خارجٌ عن المكان
General Fictionعندما تبلغ حيرتنا مبلغاً عظيماً ، وعندما تصبح القرارات التوافه أموراً مصيرية ، وعندما لا نملك القرار ولا تقوى قلوبنا ولا تطاوعنا عقولنا ، نكتب مثل هذه القصص . عندما تخوننا الذكريات وتغدر بنا أساليب التقوي، نشتكي لمثل هذه القصص ..