بسم الله الرحمن الرحيمقال الشيخ الإمام العالم العلامة، حجة الإسلام و بركة الأنام "أبو حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالى الطوس " قدس الله روحه، ونور ضريحه آمين.
الحمد الله حق حمده، و الصلاة والسلام على خير خلقه، محمد و على آله و صحبه من بعده، أما بعد:
فاعلم أيها الحريص، المقبل على اقتباس العلم، التمظهر من نفسه صدق الرغبة، وفرط التعطش إليه. أنك إن كنت تقصد بطلب العلم المنافسة والمباهاة والتقدم على الأقران، واستمالة وجوه الناس إليك، وجمع حطام الدنيا، فأنت ساع في هدم دينك، وهلاك نفسك، وبيع آخر تك بدنياك، فصفقتك خاسرة وتجارتك بائرة، ومعلمك معين لك على عصيانك، وشريك لك في خسرانك، وهو كبائع سيف لقاطع طريق، كما فال صلى الله عليه وسلم: "من أعان على معصية ولو بشطر كلمة، كان شريكاله فيها".
وإن كانت نيتك وقصدك بينك وبين الله تعالى من طلب العلم الهداية، دون مجرد الرواية، فأبشر فإن الملائكة تبسط لك اجنحتها إذا مشيت، وحيتان البحر تستغفرلك إذا سعيت، ولكن ينبغي لك أن تعلم قبل كل شيء أن الهداية التي هي ثمرة العلم لها بداية ونهاية، وظاهر وباطن، ولا وصول إلى نهايتها إلا بعد إحكان بدايتها، ولاعثور على باطنها إلا بعد الوقوف على ظاهرها.
وها أنا مشير عليك ببداية لتجرب بها نفسك، وتمتحن بها قلبك، فإن صادفت قلبك إليها مائلا ونفسك بها مطاوعة ولها قابلة، فدونك التطلع إلى النهايات، والتغلغل في بحار العلوم. وإن صادفت قلبك عند مواجهتك إياها بها مسوفا، وبالعمل. بمتضاها مماطلا، فاعلم أن نفسك المائلة إلى طلب العلم هي النفس الأمارة بالسوء، وقد انتهضت مطيعة للشيطان اللعين، ليدليك بحبل غروره، فيستدرجك بمكيدته إلى غمرة الهلاك. وقصده أن يروج عليك الشر في معرض الخير حتى يلخقك " بلأخسرين أعمالا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا". وعندى ذلك يتلو عليك الشيطان فضل العلم ودرجة العلماء، وما ورد فيه من الآثار والأخبار ويلهيك عن قوله صلى الله عليه وسلم: "من ازداد علما ولم يزدد هدى لم يزدد من الله إلا بعدا" وعن قوله صلى الله عليه وسلم: "أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه".
وكان
أنت تقرأ
بداية الهداية
Духовныеلحجة الإسلام الإمام أبى حامد الغزالى نفعناالله تعالى به وبعلومه في الدارين أمين