بعد ست سنوات على اندلاع الثورة السورية، وصل عدد اللاجئين والنازحين السوريين إلى 9.5 مليون، وحسب تقرير أصدرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين يظهر أن ما يقارب من نصف السوريين اضطروا – حتى الآن- لمغادرة ديارهم والفرار للنجاة بحياتهم.
وتعتبر رحلة الخروج من سوريا بداية رحلة شاقة جدًا يريد بها السوري الوصول إلى أوروبا كـ “خيار أخير”، حيث يفضل السوريون السويد واليونان وبريطانيا كمستقر بعد رحلة اللجوء تلك. لكن ما هي أغرب طرق الوصول السوري إلى هذه البلاد؟
حفل زفاف وهمي
بعدما نجا بأعجوبة من الغرق في قارب غير شرعي، تمكن السوري من أصل فلسطيني “عبد الله” البالغ من العمر 30 عامًا، من الوصول إلى ميلان الإيطالية، لكن كان يريد السويد.
في ميلان التقى عبد الله بالصحفي والناشط الإيطالي في شئون الهجرة غابريال ديل غراندي، غراندي تأثر كثيرًا بمعاناة عبد الله لذا فكر مع اثنين من أصدقائه هما المخرج الإيطالي أنطونيو والشاعر الفلسطيني خالد سليمان، لإيجاد طريقة لحصول السوريين على اللجوء في أوروبا، وفجأة خطرت على بال غابرييل أن يخرج عبد الله وبعض السوريين في حفل زفاف وهمي يتجه إلى السويد، وذلك كون الشرطة لا توقف حفل الزفاف لتفتيش.
يقول عبد الله: بعد أسبوعين اتصل غابرييل ليخبرني إذا ما كنت أريد أن أذهب إلى السويد فإن عليّ أن أرتدي ملابس العريس، فأجبت بالموافقة، “ياسمين” الألمانية من أصل فلسطيني تبلغ من العمر 25 عامًا، والتي كانت قد غادرت مخيم اليرموك قبل الهجوم الكيميائي، وافقت على أن تلعب دور العروس، كما أن “منار” الطفل الفلسطيني البالغ من العمر 12 عامًا ووالده انضما إلى الرحلة كذلك، هربا من سوريا إلى مصر، ثم من الإسكندرية إلى إيطاليا.
وفي الرابع عشر من نوفمبر، بدأت الرحلة، حفل زفاف وهمي مكون من 23 شخصًا، معظمهم غرباء عن بعضهم البعض، غادروا إيطاليا سيرًا على الأقدام، ثم توجهوا جنوبًا عبر الجبال إلى فرنسا، وهو المسار الذي يمكن أن يكون الأكثر أمانًا بعيدًا عن الرقابة الصارمة على الحدود ما بين النمسا وسويسرا، عندما وصلوا إلى فرنسا، انقسموا إلى 4 قوافل مزينة بالشرائط والزينة، سافرت المجموعة لأكثر من 1800 ميل في 3 أيام، حيث قادوا سياراتهم عبر لوكسمبورغ، ألمانيا والدنمارك، ثم استقلوا القطار إلى السويد، محميين بالكاميرات وملابس الزفاف فقط، حتى وصلوا أخيرًا إلى السويد حيث بإمكانهم التقديم على طلب اللجوء.
في خزان شوكولاتة
بعد 17 محاولة فاشلة للتوجه لبريطانيا، تمكن لاجئ سوري مع ستة آخرين من النجاة بأعجوبة من الغرق في خزان مملوء بالشوكولاتة الذائبة، كان هذا الخزان هو الخيار الوحيد لنقلهم إلى بريطانيا.
يقول هذا الرجل الذي لم يكشف عن اسمه إنه قرر خوض هذه التجربة مع ستة لاجئين آخرين في منتصف الثلاثينات دون أن يكونوا على دراية بما داخل الخزان، لكن بمجرد أن قاموا بفتحه انتشرت رائحة الشوكولاتة.
ويوضح أنه على الرغم من أن خروجهم من المخيم وتسللهم إلى خزان الشوكولاتة جعلهم يشعرون بالارتياح في البداية، إلا أن الوضع لم يعد مريحًا بعد حوالي 15 دقيقة من تواجدهم في الخزان. وأضاف اللاجئ الذي يعيش حاليًا في المملكة المتحدة ويعمل في أحد المطاعم العربية، أنهم كانوا يمسكون بحافة الخزان خوفًا من الغرق، وأكد على أنه في حال أفلت أي منهم يده، كان سيصعب على الآخرين إنقاذه.
ويضيف: “كنا معلقين هكذا في دائرة وتغمرنا الشوكولاتة حتى أعناقنا وقام المهرب بإغلاق باب الخزان تاركًا فتحة ضيقة للتنفس. كانت الحرارة مروعة وكان علينا تحريك أرجلنا على الدوام حتى لا نغوص غوصًا في الشوكولاتة ونعلق بها”.
كان على هؤلاء تحمل المسافة إلى القطار والتي تستغرق من 20 إلى 30 دقيقة كي تمر الشاحنة من التفتيش، لكن الشاحنة لم تتحرك ومكثوا هناك لما يربو على ساعتين إلى أن تحركت ونجوا.
حاوية وقود
كغيرها من رحلات اللجوء، آثر ثلاثة من اللاجئين السوريين الذين وصلوا تركيا برًّا استئناف رحلة اللجوء إلى اليونان ومن ثم إيطاليا، خيارهم الوحيد الخطير كان السفر في حاوية وقود.
يروي أحدهم ويدعى سعيد أنهم وصلوا اليونان في رحلة شاقة، ولأنها محطة كما خططوا بحثوا عن من يخرجهم إلى إيطاليا، يقول سعيد: “كان المهربون يجلسون في المقاهي باستمرار، وغالبيتهم من العرب والأكراد، يتحدثون عن الطرق التي يهربون بها الناس إلى دول غرب أوروبا الأخرى، في طائرة أو قارب أو خزان وقود في شاحنة.”
ويتابع القول: “غادرنا أثينا في سيارة أجرة، أنا وبادي وأنس وشاب عراقي لا نعرفه. اصطحبنا السائق إلى مخزن في منطقة صناعية قريبة من البحر، وكانت الشاحنة مخبئة داخل المخزن، فدخلنا وأغلق السائق الباب”.
بمجرد تحرك الشاحنة، علم اللاجئون أنهم لن يصمدوا أكثر من ساعة. فقد كانت درجة الحرارة مرتفعة جدًا بالداخل، وامتلأ الخزان بدخان الوقود، وكانت رحلة مميتة لكنهم نجوا بأعجوبة من خزان الوقود ذاك
هاربون من النار ... معاناه لم تنتهى بعد