"في سورية، كان الموت يحيط بنا من كل ناحية فركبنا البحر عله يكون أرأف بنا من أي نظام". تبدو هذه الكلمات بسيطة وعفوية لكنها تعكس حجم المعاناة التي دفعت بأم شابة وعائلتها إلى المجازفة للعبور إلى "بر الأمان".
كانت نبرة صوت رغد العفوية تعطي الانطباع بأنها طفلة، غير أن عباراتها لم تخل من القوة وهي تسرد واقع الألم داخل مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، الذي غادرته وعائلتها بعد أن حاصرته قوات النظام السوري، وكذلك وهي تحكي عن "رحلة الموت" التي خاضتها لأجل الوصول إلى السويد.
من جحيم اليرموك إلى قوارب الموت
كانت ظروف الحرب الأهلية التي تعيشها سورية وانعدام الأمن والاستقرار داخلها أهم الأسباب وراء رحيل رغد التي فضلت عدم ذكر اسمها الحقيقي.
غادرت رغد صحبة زوجها وطفليها البالغين من العمر ثمان وأربع سنوات باتجاه الديار المصرية حيث مكثت العائلة حوالي شهر، تخللته محاولات عديدة للهرب عن طريق البحر لكن كانت كلها تبوء بالفشل، حسبما حكت رغد لموقع "راديو سوا".
وتقول "كنا نتنقل من مكان إلى آخر ونختبئ لساعات طوال ونعبر مزارع ذات أشجار كثيفة وترعات مليئة بالحشرات، ما عرّض أطفالي لمخاطر صحية".
وتأخذ رغد نفسا عميقا لتعود بذاكرتها إلى رحلة الموت التي أخذتها من المياه المصرية إلى إيطاليا وتواصل قائلة: "صعدنا في قارب صغير جدا ومزدحم بالمهاجرين مضى بنا خمس ساعات قبل أن نصل إلى السفينة التي ستقلنا إلى الشواطئ الإيطالية". كانت سفينة صيد لا تتوفر حتى على أماكن مناسبة للجلوس".
كاد المركب يغرق مرات عديدة وكنا نحس بالموت الوشيك
رغد-مهاجرة سورية إلى السويد
ظلت السفينة بالمياه المصرية لمدة يومين إلى أن اكتمل العدد المطلوب من المسافرين. وفي عرض البحر، تضيف رغد "هبت عاصفة هوجاء فبدأت الأمواج العالية تتلاعب بالسفينة وكاد المركب يغرق مرات عديدة.. كنا نحس بالموت الوشيك".
استمرت الرحلة على غير المنتظر تسعة أيام نفذ خلالها الطعام والماء، ما استدعى الاتصال بقوات خفر السواحل الإيطالية التي أرسلت أقرب بارجة لإنقاد الركاب.
ولكن تعامل السلطات الإيطالية كان "سيئا جدا" حسب قول رغد، إذ لم تراع الحالة التي كانوا عليها بعد تسعة أيام في البحر. وتستطرد قائلة "تم اعتقالنا بمجرد وصول اليابسة لمدة يومين تعرض خلالها عدة أفراد للضرب ومنع عنا الطعام والشراب لإرغامنا على طلب اللجوء في إيطاليا". اضطر عدد كبير من المجموعة البصم على الوثائق الإيطالية ولكن عائلة رغد كانت ممن أفرج عنهم.
بمساعدة مهربين آخرين، تمكنت العائلة بعد إطلاق سراحها من دخول السويد عبر منطقة مالمو حيث قدمت طلب اللجوء. ومنذ ذلك الحين، تعيش رغد وعائلتها في ظروف جيدة، حيث تؤمن لهم السلطات السويدية المسكن والتأمين الصحي والتعليم لأبنائها.