عيون المها Salwa M 16

5.5K 339 44
                                    

#عيون_المها

الفصل السادس عشر

تلك العينان.. لطالما نظر إليها بهما، لم يكن هناك شيء فيهما سوى الشهوة و الرغبة في الإمتلاك.. أما الآن، فليس بداخلهما سوى الصدمة.. الغضب.. الكراهية.. و شيء أخر لم تدري ما هو.. أيكون اليأس؟ أغمضت عينيها، و وضعت جبينها فوق ناصيته هامسة،

"أعلم أنك لم تكن تتوقع ما حدث مني، و أعلم أنني أستغل ما أنت فيه أسوأ إستغلال، و لكن ألا تظن أن لي الحق بذلك؟ لم تترك لي الخيار حين قمت بأخذ جسدي عنوة، و لم تترك لي فرصة للقاء أبي رحمه الله، إلا بعد أن جاء ولي عهدك، و حينها كان الأوان قد فات.. رغم أنه قد فات حتى قبل أن أقابلك.

لقد كسرتني يا زوجي الحبيب، فرغم زواجك بي، إلا أنني مازلت أشعر بالدنس.. مازلت أشعر بداخلي بأنني تلك الخاطئة العديمة الشرف. أتراك تظن أنني قد فعلت فعلتي لأخونك مع رجل أخر؟ آه! ياإلهي لقد برقت عيناك الآن بالحنق! كلا يا زوجي العزيز، و إلا كنت تخلصت منك نهائياً. إن عذابنا متبادل، فأنت قد صرت كدمية ساكنة بلا حراك، و أنا دمية متحركة من الثلج، بلا قلب.. بلا مشاعر.. بلا حياة.

لن إكون لغيرك أقسم لك! سأعلمك بكل كبيرة و صغيرة أفعلها. سأعلن الحرب في سائر البلاد، لن أفرط في شبر واحد من مملكة ولدي.. نعم يا عزيزي، لهذا السبب فعلت بك ما فعلت. أبقيتك حياً، كي لا يتصارع الأمراء على الزواج مني و إلتهام المملكة لصالح أي منهم. كل ما كان لك سيؤول لولدي فقط. هههههههه! أكاد أجزم أن الإرتياح قد بدا على ملامحك! يالنا من زوجين!

أتعلم؟! كنت أظن في صباي بأنني كفرس حرون تبحث عن الحرية، كريم شارد يود معرفة كل جديد، و لكن.. أنظر لي الآن! لقد أصبحت كأنثى العقرب! و أول من تأذى من لدغتي بعد وثوقه بي كان أنت يا عزيزي. و لكن إطمئن، لن أكون لرجل سواك."

قبلته، و عاودت مسح وجنته و جبينه. غريب أمرها! تشعر الآن بأنها أكثر قرباً منه، و قد صار جثة تسري بها الروح كشبح بين الأحياء. نامت بجواره على الفراش، لتريح رأسها المنهك من كثرة الضغوط و التفكير على صدره مستمعة لدقات قلبه الخافتة حتى غلبها النوم، و أسبلت أهدابها الطويلة. أما هو، فرغم ما آل به الحال لما هو عليه، شعر بإحساس غريب، فلأول مرة تنام معه، و يشعر بقربها روحاً، و جسداً. لم يعرف لما كان في قسمها له بأنها لن تكون لغيره، راحة له.. ربما لأنها ستقاسمه الوحدة و العذاب. أغمض عينيه، و راح في سبات عميق.

في صبيحة اليوم التالي أمرت مها الوزير بأن يطلق المنادين في كافة الميادين، ليُجمع الشعب في ساحة القصر، ستلقي خطاباً في الجموع، قبل أن تلتقي بقادة الجند و الأمراء، و كان لها ما أرادت، ففي أول المساء كانت ساحة القصر تمتليء بكل طوائف الشعب، حاملين المشاعل، ينتظرون في فضول ما ستلقيه السلطانة على أسماعهم.

عيون المهاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن