« قَبل الصِّفْر »

19.7K 478 115
                                    


••


« اليوم و بصورةٍ مُفاجئة وَجدتُ نَفسي مَجنوناً بِما يَكفي لأتحدثَ عنكَ مُجدداً.
كنتُ سَأقول راشداً، وَ لكنني لَو كنتُ كَذلكَ بحقٍ لمَا وقعتُ فِي شِراكك.

أعلمُ أنّ كلامي لنْ يصلَ بَين يَديكَ؛ فهو سَيحترقُ فِي صُندوقِ قََلبي وَ يَتحوّل رماداً. ليتهُ كَان رَماداً بالفعلِ كَيلا يَشتعل فِي ذِكراك.

وجدتُ الحَنين إليكَ يَأسُرني فِي لَحظةٍ مُباغتةٍ عَلى سِراجِ غُرفَتي القَديِمة وَ فِراشي العَفن بِمُشاركةِ فَئر مُتحلل فِي الزّاوية رَآئحته مُتعفّنة.

وَ لكنّي استَطعتُ تَجاوزها؛ فَقد تَعفّنتُ فِيكَ أكثرَ مِما يَجبْ.

ليسَ هُنالكَ مَا أُخفيه سِوى أنّي أصْبحتُ رثاً. لمْ أعدْ جَميلاً كَما كُنتَ تَتَصوّر.
اشتريتُ نَظارةً رَخيصةً أُخفي بِها تَعبُ عَينيّ، وَ لكنْ لمْ أَستطعْ إخفاءَ عَظمتيّ وَجنتيّ البَارِزتين.

أَصبحتُ مَسخاً لأطفالِ الحيّ. كمْ كَانت هَيمنتُكَ عليّ لَذيذةٌ آنذاك.

أَقنعتُ نَفسي بِنسيانكَ كَما نسيتني، قُلتُ أنّها مُجردُ ذِكرى عَابرةٍ وَ تجربةٍ فَاشلةٍ.

حَسناً، هَا أنا ذا تِلميذٌ فَاشلٌ بِإتباعِ خُطاكَ وَ مُتمردٌ عَليها.

لقدْ فَقدتُ رَغبتي بِالحَياةِ فِي صَبيحةٍ قَررتُ فِيها التّخلي عَن كُلِ شَيء.
اعتقدتُ أنّ تِلكَ الحِكَمْ عَلى الشَبكةِ العَنكبوتيةِ سَتُفيدني، وَ لكن حِينما قَرأتُها بَدأت الشَّمس دَاخلي بِالغروبِ، وَ سَماء لَيلي بَدأت تُمطرُ دُموعاً.

قَلبي أصبحَ فَجوةً خَاليةً لا يَسْكُنها شَيء. أَستطيعُ تَخيّله وَ بكلِ وضوحٍ كم هُو أَجوفٌ، مُظلمٌ وَ بارد.

يَقشعرُ لَه بَدني عَلى غَيرِ رَغبتي، وكأنه أنتَ وَ بصورةٍ هَزليةٍ يَخضعُ لك.
إلى أي مَدىً وَصلتُ بِنفسي، هل تعلم..؟!
بِالطبعِ لَن تُجيبْ؛ لأنّك لَن تَقرأ، لَن تَعلم، لَن تَشعُر... »

٭ كلماتٌ مِن تأليف بَياضُ ثَلجي، ألمَاسَتي النّادرة : كَوثر. ٭


••

دمية ورقية حيث تعيش القصص. اكتشف الآن