متعفن

1K 83 76
                                    

كمراهق ، أمر عادي أن أستقيظ مشنج الحركة في الليل بعد حلم مزعج ، و أجد سيدة بأثداء كبيرة و مؤخرة ضخمة و جسم أملس ، ترقد فوقي ، لكن فكرة أنها تقطع جسدها و تسلخ جلدها و تملأ غرفتي بدمائها ، كانت مزعجة في البداية ، لكن اعتدت على هذا المشهد ...

بعد تقطيع أطرافها ، تنظر إلي بعيون دامية ضحكة واسعة بسبب فمها المقطوع من الأذن للأذن ، مخرجةً لسانها ، تقترب من وجهي و تملأ فمي بسائلها المقرف ، ليتحرر جسدي تدريجياً بعد تحولها لسائل ...

يرن المنبه ، و أستيقظ غارقاً بالعرق و الرائحة الكريهة ، لم يعد الذعر يشكل أي جزء من روتيني ، فمصطلح ميت من الداخل لا يلائمني ، فأنا مجرد جثة متعفنة من الداخل ، إن لم يبتعلها الفراغ بعد ..

أذهب للحمام أغتسل بدماء تتدفق بدل الماء ، و أجفف نفسي بهدوء ، أرتدي ملابسي التي أصبحت مجمعاً للعناكب الضخمة و الحشرات السامة ، و أترك وجبة الفطور ...

لا أنظر للسماء أبداً في طريقي ، فهي عبارة ملحمة لرؤوس بشرية مفصولة عن أجسادها المعلقة بأسياخ ، تتساقط قطرات الدم السوداء فوق رأسي كتساقط المطر الخفيف في الأيام الربيعية ، فلا عجب أن تصبح رائحتي مستقطباً للجثث شبه المتحللة التي تبحث عن جسد لتأكله ...

أتقدم في خطواتي للمدرسة التي تُهيأ دائماً لي كمكان هجر و ترك للأرواح الجائعة ، قطع الخشب تحاول استقبالي كلما دخلت ، تريد أن تدخلني بجرح عميق يسمح للوحوش بالتهام أحشائي ...

لكنها تفشل ، فإن نجحت في أول سبع محاولات فلن تنجح معها في الباقية ...

أجلس على مقعدي في غرفة الصف ، التي لم يعد لها شكل معين بسبب تحرك الطين الأسود المستمر ، و يأتي المعلم و قد التهمته المادة بشكل كامل ، و أستمر لنهاية الدوام بسماع همسات الطلاب عني ، و تجنبهم لي بسبب ضرب الجنون الذي بي ...

ما ذنبي إن قطعت شريان أحدهم في محاولته لأخذ المخدرات عن طريق الدم ؟

في نهاية دوامي و نهاية روتيني الممل و الذي أعني به نهاية حياتي بهذا الجسد السخيف ، نظرت إلى تلك الجثة التي تبعثرت أشلاؤها و أحشاؤها في كل مكان ، بسبب حادث سير جعل جلدها يتحد مع الأرض كمنظر نهائي ....

و رؤية والدا الجسد يبكيان بحرقة ...

استقيظت و وجدت نفسي في غرفة مألوفة ، بأنابيب بلاستكية تخرج من يدي ، كانت غرفة في المشفى ، و بالأخص غرفة الحالات الحرجة ، تفقدت الجسد الجديد ، لون بشرته أفتح ، و ذراعاه نحيلتان ، لن أقتصر الوصف على الذراعين ، فهو ككل نحيل و خار القوى ...

تقدم رجل و امرأة بنظرة فرح و دموع تنهمر من تدفق مشاعرهما ، و دخلا الغرفة ، اقتربت مني الامرأة و احتضنتني بقوة ، و أفرغت دموعها على كتفي ، كل هذا يدل على أني انتقلت لجسد آخر مجدداً ...

إنها المرة السادسة !

بما أن المشكلة عقلية ، فالأوهام لا تذهب أبداً ، ليست أوهام بل هلوسات ، و هذا الجسد النحيل لن يستمر لأسبوعين ، إلا إذا كان و كما يبدو ، ثرياً ، هكذا سيكون اعتمادي عليه أقل بكثير ....

بعد التماثل للشفاء ~ تعرفت على وجهي الجديد ، أوسم من السابقين ، مع شامة على الشفة السفلية ، أصغر من السابقين أيضاً ، مختلف بأمور عديدة ، بالأخص بآثار الحرق الكبيرة على ظهره ...

قضيت الأسبوع لتمرين الجسد على المشي ، فقد تعرض لحادث لا يختلف عن الحادث الذي نقلني إليه ، مع أن جو المشفى ممل إلا أنها المكان الوحيد الذي لا تدخل إليه تلك المخلوقات الكريهة ...

مع خروجي منها بدأت تتبعني المخلوقات لكل مكان و تتربص بي ، لن أجعلها تنتهز أية فرصة ، لكن الجسد ضعيف ، لا يستطع الركض بسرعة ، لذا أن يتعرض كتفي للالتهام نتيجة كافية لاثبات ضعفه ..

من الأعراض المقرفة أيضاً عدم تقبل الجسد الجديد لي ، فجهاز المناعة يعمل أفضل من دورية جيش في حرب منظمة ، فأنا أتقيأ و على نحو متواصل ، كأن كل خلية ترفضني ...

و ككل مرة اعتدت على مواعيد التقيؤ و ما يريد الجسد من طعام و تمارين ...

و تلك الـ"succubus" عادت من جديد ، و عادت كل الهلوسات اليومية ، و مما كان معروف عن صاحب الجسد السابق أنه فتى حيوي و مرح محب للجميع ، عكسي تماماً ، لذلك لن يخلو أي يوم من دون تهامس للطلاب حولي ..

كنت على وشك التقيؤ مرة في غرفة الصف بسبب أن المعلم قد تأخر في الاستجابة لاستأذاني ، فرمقته بنظرة جمدت عروقه ، و لا أحد عن غنى عن الاشاعات التي تأتي بعد مشاهد كتلك ...

بعد العودة مبكراً من المدرسة قابلت تلك السيدة ، والدة السابق ، كانت الوحيدة من السابقات التي تعلم ما حل بابنها ، ابتسمت لي و ربتت على وجهي و أشارت علي بالاعتناء بنفسي ، فهي تعلم أن ابنها ما زال موجوداً و ما لا تعلمه أني اعتدت أن أكون ابنناً لأخريات ....

سرير ضخم و ناعم غير كافٍ للتخفيف عن آلام سنوات طويلة ، فقد مللت ، مللت من تكرار نفس الأمور ، مللت من نفس الأحداث ، مللت من الروتين الذي لم يسمح لي بالموت بطبيعية للآن ، حصلت على قلب رقيق هذه المرة سمح لي بالبكاء لأول مرة أذكرها بعد ولادتي الأولى ....

رغم أني أعلم أن هذا الجسد بدأ بالتهاون ، و الضعف سيطر عليه ، لم يعد تقيؤ الطعام كافياً ليرضيه ، نهاية أخرى قريبة ، لكني ...

أكره ألم الموت ، لا أريد أن أعيشه مراراً و تكراراً ...

تماماً كسابقاتها ، حادث سير مزق الجسد لأشلاء متفرقة و أنا أنظر فقط ...

و استيقظت مجدداً في جسد و حياة أخرى ....

🎉 لقد انتهيت من قراءة متعفن One Shot 🎉
متعفن One Shotحيث تعيش القصص. اكتشف الآن