-1-

56 4 7
                                    

بعيدة كالسماء ..
فوق قمة جبل شامخ
فلا تستطيعين النزول
ولا استطيع الصعود.

هذا ما قررت ان اكتبه على تلك الصخرة التي تعتبر كذكرى فقط ، وكلما تبقى ..

مضى اكثر من مئة سنة !
او ربما انا اتهيأ ذلك ،ولكنها كانت الحقيقة ..

--------------------------- 
  
امسكت بحجر آخر ورميته بطول يدي نحو بحيرة الماء الصغيرة ، فهذا هو المكان الذي الجأ إليه حين احتاج لراحة نفسية، دقائق صمت ، او حتى وقت صغير للتفكير وتنظيم مشاعري المتخبطة .

فهي دائما ما تصر بأنني السبب في كل هذا رغم تيقنها بأن العكس صحيح ، او ربما هذا ما اعرفه او ان ما اعرفه قليل جدا على اتخاذ قرار صعب ؟
فإن قراري قادم ، لم يتبقى سوى يوم واحد لبداية السنة الجديدة ، وهذا ليس بشئ سعيد ابدا ، على الاقل بالنسبة لي .

فهي تظن بأنني سأقع بحبها يوما كما تفعل الآن ، او ربما تتظاهر بذلك لتطلب بقائها معي ، انا حتى لا اعرف ما مصلحتها من ذلك كله .

اعني ربما سيكون من الجيد بقائها مع من تحب للأبد إن صح التعبير ولكن ذلك عكس ما افكر به .

الأمر صعب ، صعب جدا و من الصعب ايضا ان يفهمه عقل اي شخص طبيعي ، فهي بحد ذاتها غير طبيعية وربما تتظاهر بذلك امامي .

فهي على الارجح سوف يتم نفيها من الوجود ان لم اقوم بتمني بقائها معي ، فأنا لست طبيعيا كما اظن ، مختلفا عن باقي البشر رغم ان باقي البشر يتمنى ما لدي ، فببداية كل سنة جديدة سيحق لي امنية واحدة فقط وستنتهي مع نهاية السنة التي تليها ولكنني قد كنت خارج وعيي منذ اكثر من خمسة سنوات ..

" اريد ان يتوقف كل هذا الهراء ، لا  اريد اية شئ فأنا لست بشخص طبيعي الآن ، لم يكن خطأي "
هذا ما قلته متمنيا إنهاء هذه السخافة ، ولكنها لم تنتهي  ، وكما حسبت الامر ستنتهي مع بداية هذه السنة لذلك هذا القرار صعب جدا .

فهي ستكون آخر امنية ، ومازلت اشعر بالسعادة ، الحزن ، الغضب ، التوتر والخوف من القادم .
وقد اصبحت افكر بأمنية السنة منذ بدايتها كي لا أخطئ امنيتي كما فعلت سابقا وأضعت افكاري .
وهذا ما فهلته اﻵن ولكنني لم احصل على الاختيار الصحيح .

" أين كنت ؟ " سألت بعد ان رأتني قد دخلت المنزل .
استلقيت على الأريكة وبقيت صامتا خوفا من ان ما افكر به هو الاختيار الصحيح .

" أنت تعلم بأن غدا هو بداية السنة الجديدة ؟"

أومأت لها ببطء محاولا الهروب من سؤالها القادم ..
" وماذا قد قررت ؟"

" لا شئ بعد " أجبت بكذب ، فأنا قد خطرت على بالي أمنية ستنجيني من كل ما فعلته .

" وماذا إن كانت هذه آخر سنه كما توقعت ؟"

" ستكون إذا "

" لم يعجبني هذا "

" ولم يعجبني شئ من قبل "

" إذا لماذا أحضرتني هنا ، كفتاة معلقة بشاب غير مبال بوجودها بجانبه دوما ، أهذه كانت امنيتك أن تحظى بفتاة تحبك حب كبير وصادق ، تهتم لأمرك دون ملل ، ماذا عنك ؟ الم يخطر ببالك ان تتمنى تبادلك ذلك ، ام ظننت بأن الوقوع في الحب سهل ؟، لقد جربت كل الطرق ولكنها لم تنفع ، فقط تظاهر بحبك ، الا تستطيع ؟ "

" الأمر ليس هكذا ؟" أجبت كمن يريد الهرب .

"بل هو هكذا ، الم تلاحظ نفسك ، دائما ما تخطئ أمنيتك ، هي ليست أمنية لتحقيق سعادتك ، افهم هذا"

" اعلم اعلم "

" لا لست تعلم شيئا ، بل انت تعلم ولكن تريد إثبات العكس لنفسك ، إنه عقاب ، عقاب خطيأتك "

" إنها لم تكن خطيئتي " صرخت بصوت عال ارتد صداه في كل انحاء المنزل برعب .

" من إذا ؟"

"الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون !"

" أستلقي اللوم على اهلك الآن ، يكفي بأنهم فارقوا الحياة وبقيت انت بلعنة سهل التخلص منها ، كان بإمكانك منذ البداية ان تستخدمها بشكل جيد وصحيح "

" كان بإمكاني ان احقق كل ما اريد سوى إعادتهم للحياة "

" ولكنك لم تحاول " همست بصوت منخفض.

" ولن افعل "

" اذا ماذا ستفعل ؟"

" مازلت محتارا "

" ان لم تكن تريد ان تفكر بوالديك فكر بي "

" اقسم لك بأنني حاولت جاهدا ان اجعلك سعيدة وان اوقع بنفسي بين شباكك ولكن هذا لم يحدث ، وليس من المفترض ان يحدث "

"إذا ، هل هذا ما تريد ان تتمناه ؟" سألت بسعادة يتخللها الخوف من ان اقول العكس ولكنني لن افعل .

" لا اعلم "

" انت لا تريد ذلك ولكنك لا تريد ان تبوح عنه ايضا " قالت بصوت ضعيف وكأنها ستبكي ، ولكنها بكت بالفعل .

" لم اقصد ذلك .."

" بالطبع ، اعلم هذا ، فأنت دائما لم تكن تقصد ما فعلت حتى امنيتك بوجودي "

-----------------------------

نهاية الجزء الاول .

بعيدة كالسماء ..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن