في سماء الآلهة
حين يكون التشاؤم سيدي ، وحين يكون الحزن مستقري ، وحين يكون اللقاء وداعي ، وحين تكون الدموع صندوق رسائلي ومكتوب عليه الألم عنواني ، حين وحين وحين وحين.
حين أكون غارقة في الأفكار فأتسأل مامصابي وأنا لا أقوى على الكلام أتسأل!! أتعجب!! وأصمت.
ما الذي أتى بي إلى هذا الزمان ؟؟
ففي جدران أوراقي تتخبأ بقايا ذكرياتي وتغوص في أعماقي تنهيداتي.
أقول ياليت الزمان يعود ، فيقول الزمان ضاحكاً لو كان للزمان رجوع لما كان للحزن وجود.
ففي الماضي قد قُطع شرياني ونُزع وريدي وسُرقت أنفاسي فتعود أوجاعي إلى قلبي ، أتذكر الحين القاسي فأنسى مصابي ، وأتذكر حيناً آخر كانت الأيام تسالي.
أتسأل هل من أحد يجيب عن سؤالي أو أن يكون أحد هو ذاته جوابي ؟ هل من أحد يفهم أفكاري ويحزن لحزني وآهاتي ؟ أم هل الحزن ذاته يفهم ماحزني ؟
أنا إنسان أعمى وأبكم وأصم ولايستطيع الكلام لأن الكلام ليس بقدر أوجاعي..
يأخذني الزمان حيناً ويأتي بي حيناً ، يأخذني إلى بلاد العالم ، إلى تايوان إلى الدينمارك إلى إسبانيا إلى إفريقيا إلى إيرلندا إلى كل بقعة في هذه الأرض ويأتي بي حيناً آخر إلى أهلي إلى سورية إلى أعماقي إلى جذوري..
ثم يعيدني ويميتني ويرميني في قبري حياً أم ميتاً فكلاهما خلاصي ، يريني الأمين فيقترب مني وعيوني تسكب أدمعي فيمسح بيديه المباركتين دموعي ويضع يديه على رأسي ويختفي.
ويريني المسيح ويضع يده على قلبي فيعود نبضي إلى قلبي وتصعد روحي إلى السّماء مع كل الصحابة والأولياء مع كل حب يسوع وزفراته الطاهرة ثم آراه في السّماء حيث أرى جناحي المحبة ترفرف حول ذراعيه .
فأتبارك بالحب الذي لم أجده على هذه الأرض أتبارك لأحيا وأحيا من جديد ، ثم تعود روحي إلى جسدي ، ألمس جسدي فأدرك أنني على قيد الحياة.
وكأن الذي رأيته في السماء كان خيال أو حكاية من حكايات الصغار أو سرب من أسراب الأحلام.
حيث يعود زماني بي إلى مشارق الأرض ومغاربها إلى جزرها إلى قراها إلى بحارها إلى كل شبر منها.
أراها بأم عيني تضحك وتبكي ، تمطر وتصحو ، تطلع شمسها وتغيب ، أرى الناس فيها متعبة ومرتاحة ، فرخة وحزينة ، أرى شوارعها مدمرة ومعمرة ، ضيقة وواسعة.
فمن بيروت إلى الصين ومن دمشق إلى أمريكا آراها شبراً شبراً وباعاً باعاً .
أنشر من عبير الحب تنهيداتي وكأن هذه الروح التي بداخلي قد سمعت وفهمت كل آية من آيات الله.
قد سمعت وفهمت أن بعد العسر يسر أن بعد الضيق فرج ، قد قالت الملائكة لي أن مامن دمعة سقطت من عين مظلوم إلا وتردى صداها في أرض الله ، إلا وسمعتها آلاف الملائكة وبكوا حزناً ، إن مامن آه طفل أو إمرأة أو رجل إلا وتركت أثراً في سماء الآلهة.
أنا الأعمى ، أنا الأصم ، أنا الأبكم ، أنا من سمع الله آهاتي ، أنا من مسح الأمين دمعاتي ، أنا من وضع المسيح يده على قلبي ، أنا وأنا وأنا ، فليس من إنسان على هذه الأرض قد سمع تنهيداتي أو فهم معنى الحب والحزن في قلبي.