نعم أنا الآن في الهواء ولا يفصلني عن النهاية سوى 3 ثوان ....
نعم ما هي إلا ثلاث ثوان وأسلم روحي للرب ....
ماهي إلا ثلاث ثوان وسانام وإلى الأبد......
أغمضت عيني ببطئ.....
باستسلام .....
برضى....
هي بداية حزينة وستكون نهايتها كذلك.....
لا مكان للخلود.....في عالم لا مكان فيه لبعض البشر...
كان الهواء يداعب اجزائي.....
كان الوقت يزداد بطئا كلما اقتربت من النهاية....
توقف الزمن لحظة لاشعر ببحر من الذكريات يتدفق إلى مخيلتي....
'هذه هي انا فتاة ولدت....
ولكن لم تولد كأي روح ولدت لتكون لعنة....
ما ذنبها....
ليست هي من إختارت ان تكون طفلة غير شرعية...
نعم هذه هي انا.....
عشت طفولتي في أحضان شوارع تلك المدينة.....
نمت على فراش الرحمان و دائما ما غطتني السماء رأفة بحالي....
إلى أن انتقلت إلى الميتم وليس كأي فتاة يتيمة كنت اعامل كخطا مجرد شيء خاطئ...
تبنتني عائلة بعد أن عشت السنين الأربع السوداء اتذوق طعم الذل والألم.....
شعرت بالسعادة يومها مازلت أتذكر كيف قفزت بفرح حتى سقطت وخدشت اناملي لكني رغم كل ذلك كنت ابتسم....
لكن لم تلبث سعادتي أن تلاشت كالسراب....وضاعت كالرمال تدفعها الرياح....
لم أذهب إلى ذلك البيت لاعيش عيشة عائلية بل ذهبت لأكون خادمة في ريعان الطفولة....
كنت اعمل ليل نهار واعيش على بقايا طعامهم التي لا تكاد تكفي جوع الجرذان....
كانت النجوم صديقي الوحيد اشتكي لها ألمي وابكي كل يوم تحت ضوء القمر لا أحد يسمع انيني ولا صراخي.....
كانت تنهال علي بالضرب كل يوم بلا أسباب ....
ثم الحقوني بمدرسة داخلية إلى جانب ابنتهما التي كانت شريكتي في الغرفة.....
ليس من أجل أن ادرس بل من أجل أن أخدمها....
كنت القب بالخادمة العاهرة وكانت إليسا تستفزني وتحتقرني.....
مرت السنوات على هذه الحال وانا أفقد ما قد يدفعني للحياة شيئا فشيئا إلى أن احبني من تحبه إليسا .....
إعترف لي لكن لم يترك الألم للحب مكانا في قلبي.....
زاد كره إليسا لي وبدأت تطلق الإشاعات حولي بأنني أسرق مارك منها واجبره على أن يحبني....
ثم طردتني العائلة.....
وأنا ابنة السادسة عشر اتجول في الشوارع....
وبعد شهر عرض علي مارك العيش في بيته لم يكن أمامي خيار سوى القبول.....
هذا قد يكون أفضل من بقائي في الشوارع انام على الكراسي واقتات على بقايا الطعام.....
بقيت عند مارك وهو يحاول التقرب الي لكن بلا جدوى. ....
كنت أبحث عن عمل لاترك منزله واستقر وحدي.....
كانت عائلته تعاملني بكل حب لكن انا قد استسلمت. ....
لقد فقدت عيناي بريقهما الأزرق وفقد شعري لمعانه الأصفر......
وفقد جسمي رشاقته. ...
وفقدت روحي نشاطها كنت اعيش بلا معنى.....
كنت لا أتناول من الطعام إلا قليله ولا انام من الليل إلا نصفه.....
ضعف جسدي واستسلم إلى المرض بعد أن علمت أن مارك ترك مدرسة إليسا من أجلي....
لم أكن أعلم ماذا أفعل هل اسمح لنفسي بأن تحبه هل امنحه ثقتي هل افتح له أبواب صدري الصدئة التي أغلقت منذ زمن....
كنت حائرة....
شفيت بعد أن بقيت شهرا كاملا في المشفى فجسدي ضعيف لا يقوى على مواجهة المرض
عدت إلى المنزل لأجد انه قد أقيم حفل لعيد ميلادي....
قررت بعدها أن افتح روحي للحياة من جديد....
تحسنت علاقتي مع مارك وبدأت أقع في شباكه وقررت أن أفصح له عن شعوري.....
إلى أن جاء اليوم الذي لم أتمنى مجيئه....
في يوم أمس تمام الساعة العاشرة ليلا خرجت من الحمام بعد أن رتبت افكاري وقررت أن أتحدث إلى مارك ....
كنت ادندن على الحان اغنيتي المفضلة فأنا قد بدأت استرجع رغبتي في الحياة إلا أن سمعت بالصدفة ما دار بينهما من حديث.......
أم مارك :اسمع مارك إما أن تخطبها وإما أن اجعلها تترك المنزل انا احظرتها إلى هنا فقط من أجلك لا تنسى
مارك :لكن امي انت تعلمين أنه لا مأوى لها ثم إننا. .....
لم انتظر لاسمع بقية حديثهما توسعت عيناي من الصدمة وانا أشعر بكل شيء ينهار انا لم أكن اريد الشفقة من أحد ...
تركت المنزل وأنا احبس دموعي لانهار بعد أن وصلت إلى المكان الذي اعتدت النوم فيه كان جزءا مهجورا من الحديقة تملئه الزهور بينما تغطيه الأشجار الشائكة....
بدأت بالصراخ والبكاء كما اعتدت أن أفعل تحت رداء الليل وصوت المطر حيث امتزجت دموعي بدموعها
إنها مؤنسي الوحيد إنها السماء ....
ثم ابتسمت بسخرية مدركة اني لا استحق الحياة كنت ابكي طول الليل....
وأنا أرى آخر بريق للأمل يختفي...
والآن بدل أن أعيش الحياة التي يعيشها الجميع ...
ساودع الحياة.....
كانت حياة قاسية....
كانت دربي وعرة....
كنت قد قاومتها....
ولكن كلما بنيت جدار انهار اثنان .....
ثم بعد كل تلك المعاناة أخيرا رسوت ....
نعم رسوت بسفينتي المهترءة لكنه ويال الاسف كان ذاك هدوء ما قبل العاصفة.....
والآن قد هاجت مشاعري واختلطت ببعضها .....
وبلغت نفسي من الحزن والألم أن فقدت احساسها بالحياة....
لم احضى بفرصة لاعيش حياة عائلية.....
ولا لاعيش حياة عاطفية....
كانت حياتي مجرد خطأ....
كانت صندوقا أسود...
سجنا مظلما....
وقفصا ضيقا....
لم أحصل على الحرية لاطير واصنع مستقبلا أو أخط ماضيا...
لم أمتلك الرغبة كي احاربها. ...
أو بالأحرى امتلكتها....فسرقتها مني أيامي البائسة....
وصفحات مذكراتي السوداء....لم أجد وقتا لالونها....
وإن وجدت وقتا فبأي ألوان كنت سالونها...
أطياف سوداء.....
وضباب يحجب الحقيقة......
هذا كان داخلي.....
انقشع الضباب وتبينت الحقيقة.....
إن كان الطائر لا يستطيع الخروج من القفص.....
روحه لا تزال ملكه.....
وإن كان لن يستحق أن يطير فلن يستحق أن يعيش....
قالو أن الحياة لعبة وانت اللاعب.....
إذا فاللاعب الذي لا يعرف قوانين اللعبة لا يجب ان يلعبها....'
فتحت عيني بعجز بعد أن اصتدم جسدي بالأرض لافقد الشعور باعضائه...
نعم أنا لا استطيع تحريكه....
انا اسمع الأصوات ولكن لا استطيع ان اتكلم ....
نعم أنا أفقد روحي افقدها. ...
تلفت حولي بصعوبة وانا أرى العالم لآخر مرة.....
"لووووراااا"صرخ احدهم ولكني لا استطيع تمييز صوته....
انا آسفة انا حقا آسفة ....
"والآن إلى اللقاء. ..حياتي البائسة إلى اللقا..."همست بتكلف....بعد أن نزلت دمعة باردة على خدي....
ونزلت معها كل لحظة سعيدة مررت بها في حياتي البائسة.....
لتكون آخر دمعة ذرفتها.......
-------------------The end--------------