قطر الندى

624 19 2
                                    

جلس كئيباً حزينا،يضم ركبتيه إلى صدره في مكان مظلم وبارد يسب ويشتم حظه العاثر بكلمات وحرف ثائر
"ولدت أميراًللجان،وها أنا بين أربع حيطان،سجين وليس سجاني أيٍ كان إنما من يجب أن تكون أحن علي من كل المخلوقات، ليتني طفل من العامة ألعب بين الأزقة وأزعج الجيران، هاقد قاربت الخامسة عشرة من عمري وأنا لم أرى من عالمي شيء،لولا رأفة أبي لبقيت للأبد سجين تحت رحمة سجان"
أما قطر الندى أصبحت في الثامنة من عمرها،وذاك الكلب الأسود يراقبها من بعيد كحارس شخصي لها
فذات ليلة وبينما هي نائمة كأي طفلة عادية نومة هادئة هنية، تسللت أفعى رقطاء،برغم فخامة ذاك المنزل إلا أنها استطاعت الولوج لغرفة الفتاة الصغيرة
كالجبناء
همت بلدغها فكان الكلب الذي أصبح كبير الحجم بالمرصاد لها،
وعلى عراكهما استيقظت طفلتناهلعة خائفة، وراحت تصرخ منبهةً القصرالصغير بأكمله وكانت ترتعد راجفة،فاجتمعت العائلة والخدم من نساء ورجال وغلمان،ليروا تلك المعركة بين الكلب والأصلة يتصارعان،
هاجمته بأنيابهاتدافع عن نفسها
إنقض عليها  يراوغها ويدورحولها
ومزقها شر ممزق ورمى،بها بعيداً عن قطر الندى، فلاقى ترحيب من الجميع واستحسان، فعرفته أمها من منديلها،واستغربت كيف ظل حول ذراعه كل تلك السنين،
أرادت الأم شكره فالتفتت ذات اليمين،
فوجدته اختفى بلمح البصر عن العيان ومضت الايام وجرت معها أشهر وسنتان، في قلعة الجن حيث بلغ يوسف السابعة عشر وقف بوجه والدته وطالب بالحرية، وثار وغضب في وجه امه الجنية، فرق قلب والده له أماهي  رفضت حريته مالم يوقع معها إتفاقية
ألا وهي أن يتزوج إبنة خالته الصبية تكبره عام أو إثنان، رضخ لها بشرط أن تسمح له بالتجوال بكل أمان
بعيد عن عيونها وعيون الأعوان، وافقت على مضض ووقعت البنود بدم اصبع يوسف بذلك كانت تأسره بسجن جديد ألا وهو زواج مجهول المصير وعن عقله وقلبه بعيد،
إرتاحت قليلاً للأمر وأسدلت له جزء من الحرية
بعد ان نال شيئاً من حريته اتفق مع مشعوذة القصر العجوز الذكية،أن تعلمه من السحر ما ينبغي له كسرحاجز سجنه فعلمته سرا الكثير من الأمور الخفية، علمت الأم بهذه الخيانة فترصدت لمشعوذتها وكادت لها المكائد، وبذات ليلة غير مقمرة طعنتهاطعنة كانت قاتلة وقبل ان تلفظ المشعوذة انفاسها الاخيرة القطت عليها تعويذة وقالت وهي مزمجرة  "جرديهامن جمالها وجزء من ذاكرتها" فاصبحت الملكة مخيفةتشبه الغيلان، ونسيت ماقالته لها عن أن نهايتها على يد فتاة إنسية، فنكثت وعدها مع يوسف وابقته سجين لوقت غير معلوم
"لأنك خنتني يا يوسف ستبقى سجين لعنتي هذه إلى يوم زفافك، وسأجعله بعد عشر سنوات من الآن جزاءً لك وتنكيلاً بك "
دوت ضحكتها التي أصبحت مخيفة كشكلها في أرجاء القصر،وبعد أن خافها الجميع من خدم وحراس وعوام فاتخذت لنفسها منزل بعيد عن الاعين تم بناؤه من اللؤلؤ والمرجان، وأحضرت معها يوسف اسير الأغلال والقت به من جديدبين القضبان.
وقطر الندى تكبربين والديها مدللة معززة مكرمة، إلا أن مرت بضع سنين من الزمان
وأصبحت حسناءفتية، وأصبحت تأتيها الخطاب من كل مكان،ورغب بنسب أبيها الإنس حتى بعض الجان، ولكنها كانت ترفض كائن من كان، تشعر بأن قلبها مرصود لواحد من بني الإنسان لم يأتي بعد ولكنه لن يتأخر،وشعرت بأنه لجانب قلبها يبحر.
وذات صباح مشمس والناس من كل حدب وصوب في إقبال، إلى اعمالها تروح وتدبر،
وصلت سفينة محملة بالبضائع النفيسة من قصب وحرير ومسك وعنبر،
يمتلكها إبن شهبندر التجار،فسمع عن جمال قطر الندى فرغب بالقرب والوصال،
وأعد من بضائعه مايليق بهذا الجمال.

قصة يوسف المسحور حيث تعيش القصص. اكتشف الآن