الجزء الأول

354 24 6
                                    

               جي يون .. جي يون-آه

كانت تغلق أذنيها بيديها وهي تجري هاربة من ذلك الصوت المخيف الذي يناديها، تغمض عينيها بشدة أيضا حتى لا ترى عينيه، فقط تسمح لرجلاها بأخذها بعيدا، شفتاها كانتا ترتجفان و نحيبها كان يعلو، هي تُريد الخلاص منه لكن هو كان كظلها يتبعها أينما ذهبت

لا أحد منا يمكنه التخلص من ظله، سيقول البعض بلا يمكننا ذلك .. متى !! في اليل؟ عندما نطفئ الإنارة ؟ عندما تغيب الشمس ويحط الليل رحاله ؟

لكن في الواقع وقتها نكون وقعنا في حفرته، حفرة الظل .. الظلام الدائم

"توقف، توقف أرجوك .. ابتعد عني" صرخت جي يون بأعلى صوتها وهي تراه يقترب منها ويحاصرها بظلامه .. بعد أن سُدّ طريقها.

فتحت عيناها على مصراعيهما إثر هز والدها لكتفيها "إنه مجرد كابوس، لا تخافي" طمأنها والدها يمسح على شعرها بينما هي أخذت تنقل بؤبؤا عينيها تستكشف المكان .. إنها غرفتها

استقامت جالسة تضع كفيها على قلبها الذي كاد أن يخترق قفصها الصدري ويخرج فارّاً، هذا الخوف سيقتلها يوما ما.

تنفست الصعداء بعد أن تأكدت أنه كان مجرد كابوس، استكانت باطمئنان إلى ذراعي والدها اللتين ضمتاها إليه.

"حالتك أصبحت تسوء أكثر فأكثر، لمَ لا تراجعين طبيبا نفسيا، على الأقل ترتاح.."

قاطعت كلام والدها وهي تنفي برأسها يمينا وشمالا، رفعت يدها اليمنى لتشير بسبابتها لصدرها ثم بسطت كل اصابع يدها امام وجهه، تلتها ابتسامه اصطنعتها لتُقنع الجالس أمامها

"أعلم أنك بخير يا ابنتي لكنني أريدك أن تنعمي بنوم هادئ، كل يوم تستيقظين مفزوعة من كابوس ما منذ موت أخيك .. لقد خسرت ولدا ولا أريد أن أخسر الآخر، من أجلي يا ابنتي راجعي طبيبا نفسيا " أجاب والدها في قلق وهو يحتوي يديها الذي أثلجهما الخوف بين راحتيه.

تقبلت في صمت كلام والدها وأومأت بعد أن تنهدت في يأس، خرج والدها من غرفتها مغلقا الباب وراءه، كانت عيناه تتلألآن بقطرات كريستالية لم يشأ رؤية فتاته تراه يبكي حتى لا تسوء حالتها أكثر من السوء الذي هي فيه، لذا فضل أن يبكي في مكتبه، شعور فقدان الابن لن يعرفه أحدا حتى يجربه، ولا أتمناه لأي شخص.

وقفت أمام المرآة بعد أن أخذت حماما لتريح أعصابها التي تلفت من كثرة القلق والتفكير، مسحت المرآة لتنظر إلى نفسها، لم تكن هكذا قط، كان الجميع يشكو من شغبها، كان صوتها يملأ الحي حماسا، والبيت حياةً
لم تكن تهدأ أبدا، بل كانت كفتاة في الثامنة محبوسة في جسد امرأة ذو عشرين عاماً..

"لن تكبري أبدا، ستظلين دوما طفلة بنظري وبنظر الجميع" كان هذا قول أخيها الراحل، الجملة التي يرددها على مسامعها دائما، كان يزعجها الأمر من قبل لكن في هذه اللحظة تمنته موجودا بجانبها ليعيد هذا الكلام مرة أخرى .. تذكرت أنها كانت تتمنى أن يختفي أحيانا لكن الآن تبدلت الأماني، وتغيرت المواقف، لم يكن مجرد أخ تحتمي وراءه عندما يتنمرون عليها الأطفال الأخرين بل كان صديقها أيضا و بئر أسرارها، كان يعرف عنها كل صغيرة وكبيرة، لم يكن ينام بغرفته حتى يراها نائمة، يفضل البقاء معها أكثر من اللهو مع الآخرين كانا وجهان لعملة واحدة، لذا فراقه كان صعبا أكثر عليها و تصديق أمر رحيله للأبد وعدم رؤيته مجددا كان قاسيا بعض الشيء على قلبها الرهيف.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 22, 2017 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

SHADOW [ظل]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن