أَحْلَام اليقَظة.

458 60 49
                                    

شُكراً لروان عبد الرحمن على أفكارها ورأيها ودعمها المُستمر، وشُكراً لكُل من آمن بكتاباتى أو أعجبتهُ بأى شكلٍ كان. 💓

-فصل واحِد ان شاء الله. 💫

بسم الله.
********

"أمُى، سأذهبُ للجلوسِ أمام البحرِ قليلاً! " صاحَ هارى من الخارج كى تسمعهُ والدتهُ التى تُحضر العشاء فى المطبخ لتخرُج مُهرولة إثرَ سماعِ حديثه.

"انتظِر هُنا، ما هو ذلك الأمر الذى يستدعى الذهاب للبحرِ كُل مساءِ سَبت؟! " قالت أمهُ بتعجُب، فالشُبان فى عُمرهِ يُمضون ليلة السبتِ فى الحفلاتِ الصاخبة.. بينما هو فقط يُفضلُ الجلوسِ أمام البحر!

"لا أعلم أُمى، أنا أُحبُ هدوء البحر يومَ السبتِ بالذات.. الأمواجُ تكونُ عالية ولكن لا تؤذى.. القمرُ يكونُ مُنعكساً على مائهِ بطريقةٍ مثالية.. " شرح هارى بينما نظرت لهُ والدتهُ رافعةً إحدى حاجبيها، ولكن فى النهاية لانَت ملامحها مُجدداً، فهارى يقضى مُعظم وقتهُ طوال الإسبوع فى المُذاكرة بجِد.. لذا لا ضِرارَ من الإسترخاء أمام البحرِ قليلا.
                                                      "انتظِرالعشاء على الأقل.. "
"سآكلُ عندما أعود. " قال هارى مُبتسماً ثم انحنى لطبعِ قُبلة على وجنتها قائلاً: "وداعاً"        
"وداعاً بُنىّ." قالت بابتسامة مُقابلة ثم فتحَ باب المنزل ليخرج منهُ.

ظلّ يركلُ الحَصى الموجودِ فى الشارع الخالِ من المارّة المؤدى إلى مقصده وبداخل عقلهِ أفكارٌ شديدةَ العشوائية، سافرَ فى عقلهِ إلى بلادٍ لم يزُرها من قبل واختلقَ فى خيالهِ قصص وأحداث لم تحدُث فى الواقع.. حتى استقرت قدماهُ أمامَ مقصده..

مكانٌ أشبَه بالغابة، أشجارٌ كثيفة مُلتفّة حولَ بُحيرة نقيّة، اضاءة مُنعدمة فى المكان بأسرِه.. باستثناءِ ضوء القمَر المُنعكِس ِانكِسار على طيّاتِ الأمواجِ الهادئة التِى يُحركها النَسيم الخريفي.. بجسرٍ خشَبى قَديم يتوسط المشهد، سارَ باتِجاهه لتُحدِث خطواتهِ صريراً خفيف على الخشَب المرصوص أسفَل قدماه.. ليجدها فى نهايته..

كما العادة، جسدُها الهَزيل يقف بثباتٍ أمام البحر، تُوليهِ ظهرها ويتطايرُ شعرها المُطابقُ سوادهُ لكنزتها الصوفية التى تُضاعفُ حجم جسمها وبنطالها الأسود، يصلُه صوتُ دندنتها الخفيض ليتراقص قلبهُ مع كلماتها.

اليومُ قرر استجماع شجاعته، اليوم سيُتكلم، اليوم سيخوضُ معها أول مُحادثة ولن يتراجع ككُل مرة.. كان هذا قراره.
"كنتُ أمتلكك كُلك، ثُم بعضك.. ثُم لا شئ مِنك.. " تعالى صوتُ مُوسيقى جهازها، وخرجَ معهُ صوتهُ يرافقهُ تشجيعاتٍ داخلية لذاته "ستفعلها."

وصل صوتهُ لها لتُدرِك أنها ليست وحيدة فى المكان، خطواتٍ بطيئة على الجسر تقتربُ منها.. لم يكُن صوتُ الخطواتِ ما جعلها تلتفت.. بل صوتهُ العذب الذى يخرجُ من حنجرته مُرافقاً غناء ذلك الذى يصدر صوتهُ من جهازها.
كانت أولُ مرة تلتفت له، أولُ مرة يرى وجهها، وللحظة.. قد نسىَ كيفية التنفُس..

أَحلَامْ اليقَظة| H.S One Shotحيث تعيش القصص. اكتشف الآن