بارت 1 : هذه شخصيتي، أنا كما أنا لن أتغير، قطرة وسط المحيط

140 7 6
                                    


*غريبة الأطوار، معقدة، مجنونة، وحيدة، مملة، قديمة،... هذه هي الألقاب المتداولة الآن عن بعض الأشخاص و الشباب خاصة طلاب الثانوية، لا يخفى عنكم أنها نفس الألقاب التي يناديني بها زملائي، محاولين بذلك استفزازي و الإطاحة بمعنوياتي، لكن على العكس، لن أكذب، أني كنت أشعر بالحزن و الضيق في الأول، لكنني تجاوزته مع الوقت، ذلك أني عرفت أنني فريدة من نوعي، و لست مجرد نسخة عنهم مما جعلني أقوى من عزيمتي، يسمونني"غريبة الأطوار" لأنني أتصرف على طبيعتي، لا أحب التملق و التزين و لا السير على الموضة، ي ستايل خاص، كل مرة ستايل جديد،لا أبالي لانتقاداتهم أو وشوشاتهم أو لتعليقاتهم، فهي لا تهمني أساسا، هذا هو شعاري في الحياة.

  *قد يقولون عني "معقدة" لأنني لا أتكلم كثيرا، أو بالأحرى لا أكلمهم بل أكلم نفسي أو أناجي أصدقائي الخياليين، فالخيال هو صديقي المقرب لأنني وجدت في الصداقات ما لم يعجبني فعزفت عن التجماع، فأنا لا أحب كثرة الضجيج. إسمي "مجنونة" لأنني أحب المرح، أحب أن أعيش طفولتي حتى في كبري. أما عن "وحيدة"، "مملة"و "قديمة"، ذلك أنني من النوع المحب للكتب فكلما أداروا وجههم لي أو أرادوا التحدث معي وجدوا بين يدي كتابا أو رواية أو قصة، منهمكة في قرائتها ناسية العالم من حولي غير مكترثة للآخرين، فبدل الهاتف و التواصل عبر المواقع الاجتماعية أحمل كتابا وأقرأه. قد أكون في بعض الأحيان مجنونة لكن هذا لا يعني أنني غبية، فأنا فتاة عاقلة و ذو ذكاء حاد، وقاد كالنار و هذه هي النقطة التي تجعل الجميع يحتقرني و يخافونني لكني مع ذلك فأنا سعيدة! أفعل ما يحلو لي لا أدع القيود تشدني فأنا أيضا كبقية البشر، لدي جانب آخر، غير جانب اللهو، اللعب، الطفولة و الحرية، جانب العقلانية، الهدوء، الحب، الحزن؛ فأنا أحب القراءة إلى حد الجنون حتى ظنني الجميع أني أصبحت ملتصقة بالكتاب أو ممغنطة معه.

  *و أفضل طريقة للتعبير عن مشاعري هي الرسم والكتابة، فأنا مغرمة بالرسم و المناظر الطبيعية: الأشجار الخضراء، الزهور الملونة، السماء الصافية، الشمس المشرقة، العصافير المغردة، العشب المتموج، كراسي الحديقة المهترئة، أصوات الأطفال الرنانة، أحب التعبير عنها إما بوصفها في كتاباتي أو تجسيدها في رسوماتي فهي تعبر عن شخصيتي، أشعر بشعور غريب عند رؤيتها، مما يجعلني أنسى العالم و مشاكله، فأترك كل همومي وراء ظهري، ناسية الأحزان التي بي، فليس كل شخص يبدوا مرحا، ضاحكا، نشيطا؛ سعيدا في حياته ؛بل عليك أن تعرف أن وراء ضحكته بكاء، وراء عينه دموع، داخل جسده مرض، في قلبه حزن، فوراء هذه الضحكات أخفي حزني الذي يبدظ طاقتي يوما بعد يوم، هو شعور بالإحباط و القلق، يجعلني كل يوم أسقط من عيني عبرات تثلج قلبي الصغير المريض الذي ينشر في جسمي ألما لا يبارحني، و قد يسبب لي نوبات تجعلني أحس أن نهايتي قد حانت، فيتردى شعاع الأمل الذي مازلت متمسكة به، منفلتا من بيت يدي فيجعلني فريسة للكوابيس و مخلفات الماضي المؤلمة فأقع في دوامة مظلمة يلفني الحزن و الآسى على ما مضى، فألبس قناع السعادة و الضحك، خادعة نفسي و غيري بحقيقتي، آملة أن لا أجعل الآخرين يعانون مثلي، نفس وحدتي المضجرة، لكنني سعيدة رغم كل شيء، لا أدري لماذا أو السبب وراء ذلك لكنني أحس بها تتخلل داخل عروقي منتشرة في كل جزء من جسمي، إنه شعور بالنشوة اللانهائية التي تجعل الإنسان ينسى كل شيء عن عالمه! هذه أنا،  فريدة من نوعي، قطرة في بحر لا نهاية له فالبرغم من اختلافي، إلا أن مزجي مع بقية قطرات المحيط يجعلني أختفي و أصبح مثلهم، لكني أكون قد غيرت منه قليلا فندرتي ستظهر حتما، فلا تدعوا الآخرين ينهجون أنفسكم فكل واحد حر في نفسه، مسؤول عن حياته، قادرا على مجابهة غيره، واثق من قراراته، هذا هو إنسان اليوم، الغد، المستقبل، الماضي.

خواطر في بحر النجومحيث تعيش القصص. اكتشف الآن