يروى أن طالبين كانا يبحثان عن النقاء الروحي ، وكانا يسلكان في سفرهما طريقة واحدة روحيا و بدنيا ، وقد أقام الأول في قرية لمدة ليلة كاملة ، و غادرها مبكرا في اليوم التالي في رحلة إلى القرية المحاورة ، و في طريقة قابل حكيما وقورا ، و سأله إذا ما كان يسير في الاتجاه الصحيح نحو القرية التي يقصدها ، و عما إذا كان الحكيم على معرفة بإهل تلك القرية ؟ و إذا كان يعرفهم ، فما طباعهم و أحوالهم ؟ فأكد له الحكيم أنه يسير في الاتجاه الصحيح ، وقبل إجابته عن السؤال الثاني سأله الحكيم عن طباع أهل القرية التي كان فيها الطالب للتو ، فأجاب الطالب بأنهم كانوا رائعين ، فعلى الرغم من فقرهم فقد رحبوا به بحفاوة و حرارة عندما دخل قريتهم ، ووفروا له مكانا للمبيت ، و قدموا له الطعام بكرم بالغ من أقواتهم القليلة ، فقد أعجب بلطفهم و كياسهم و كرمهم و سخائهم !
فقال له الحكيم : ( أبشر فأهل القرية التي تقصدها مثل أهل القرية التي غادرتها تماما فاستمع برحلتك و استمتع بلقائهم ! )
و على نفس المنوال أقام الطالب الثاني في اليوم التالي في نفس القرية التي غادرها الطالب الأول منذ قليل ، و عند الصباح خرج و سلك نفس الطريق أيضا ، و في منتصف الطريق إلى القرية المجاورة قابل الحكيم نفسه ، فسأله عما إذا كان يسير في الاتجاه الصحيح للقرية التي يقصدها ؟ و ما يتوقع أن يلاقيه من أهلها ؟ فأكد له الحكيم أنه يسير في الاتجاه الصحيح ، و كما فعل في اليوم السابق طلب من الشاب أن يصف له أهل القرية التي غادرها لتوه ، فأجاب الشاب قائلا : ( قد اتسموا بأقصى ما يمكنك تخيله من الفظاظة و غلظة المعاملة ، فعلى الرغم من أني كنت متعبا و جائعا إلا أنهم قدموا لي القليل من العون و الطعام ، و قد قالوا لي إن طعامهم يكفيهم بالكاد لذا ليس لديهم فائض ليقدموه لي ، قد كانوا في منتهى القسوة و الوحشية و أود أن لا أراهم ثانية أبدا )
فقال الحكيم : ( للأسف أيها الشاب إنني أحمل لك أخبارا سيئة : إنك ستجد أهل القرية التي تقصدها في منتهى السوء تماما مثل هؤلاء الذين غادرتهم للتو ، فحاول الاستمتاع برحلتك ، و التعلم من دروسها ما وسعك ذلك )
هذان الطالبان يمثلان فريقين من الناس فريق متفائل يرى الوجه الإيجابي للأشياء ، و فريق متشائم يرى الوحه السلبي لها ، فمن أي الفريقين تحب أن تكون؟.