نبش الذكرى

181 2 0
                                    

منهارة مضطجعة على الكرسي تنبش الشبح الرمادي من ذاكرتها المقصفة فما كان إلا بصيص الابهام على جليتها .. تعرض فأس الاسئلة في صميمها ... لماذا لا تجعلني والدتي المتبناه ان استخدم الانترنت ؟... لماذا لا يوجد لدي هاتف خلوي ؟... لماذا ادرس في المنزل ؟..
كان الحرمان يحكم بطوقه على قفصها الصدري فما كانت إلا عصفورة تغرد وحدها غير آبهه للفضاء.
وصبح تفحصت الصورة المطبوعة في موضع إكرمها .. لترى مقلتين تشبهان بحيرة وردية و في مركزيهما شفقة ذابلة بنية .. و تلك الندبة التي غرست في ذراعها .
برهة حتى تحركت مذرعة من والدتها المتبناه بتمسيدة كتف ..
قالت والدتها : صباح الخير يا قميرة .
فترد عليها بدبيب مقطوع : صباح النور.
هنيهة تحديق اكتنفت الحيرة قسمات والدتها .
،و عندما رأت الفتاة المردود تدحرجت من محاجرها مياه مالحة منسابة الى طريق ذقنها .
فبادرت والدتها لتسد الانهيار الشلالي بأناملها الحانية .
ما الذي تهابه والدتها هي أن تصل الى شفا حفرة من ذكرى التيه في ربوع الماضي .. ذلك الوسواس الذي يناهزها ينخر الاحداث كسنا الصبح .
ثانيتين حتى وقعت ابنتها في لفظ متلاطم مع الألم بأسئلتها السامرات .
و عندما فرغت من شحناتها عانقتها والدتها بحرارة و شجى .
كان الخوف يتربص بوالدتها صباح مساء .. تهاب نبش الماضي ورفعه الى أرفف المستقبل منذ نعومة أظافر ابنتها التي والدتها من قلبها لامن رحمها .و لكن الاسئلة البريئة من قبل حبيبتها خفت من قلقها الجاثم في صدرها لأنها كانت تحسب ان الضيق نتيجة أمر شتان عن ذلك .
و الليل غابت الدنيا خلف سياج الكرى .. و بدا الغمام كدخان كثيف في عنق الأفق مطوق بقراط القمر ثم ينزع الغمام قيراطه متدرجاً الى حمرة الحلكة بصبابة .
تترائ في خيليتها رماد و ذكرى و سهاد احتلت بجيوشها صدر عقلها الباطن فتصدرت تابوت الأمس بصندوقه الفاحم .
الساعد المفتول يطوق جسداً ضئيل الحجم .. يمسد برقة الخصلات الخفيفة ليحوي فراغات أنامله حنان و عطف ... ثم أصبحت الانامل الحانية سوطاً على خدها ....
راحت العرق يتفصد من علوية جبينها .. راح جسدها يرتعش .. يتقلب ذات اليمين و ذات الشمال ..
و صارت ظفيراتها تشتعل عرقاً كالأمواج ..
تحاول أن تضع الضوء المنير على اللوحات الداكنة المؤطرة بالشوك ..
هل هذا كابوس أم حلم ؟! .... ما كانت تعلم انها ذكرى أيام كانت في زهيرات السنين .
تفتح ابواب المقل الرطبة ... البريم يتكور في الدنيا .. تجد نفسها مبللة ... فتنزلق منها الدموع و تتهاوى لتغرق الصمت ..

نبش الذكرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن