أنا شااااقي
يقول أحد الأشخاص حدث اليوم امامي
في احد المطاعم ، وانا انتظر وجبة الغداء علي الطاوله ، وكانت الطاوله بالقرب من محاسب المطعم.... اذ اقبل رجل اربعيني العمر ، يختلط سواد شعره بالبياض ، يبدوا عليه الوقار ، ثيابه عليها الاسمنت والطلاء ، يعصب رأسه بشال ، لحيته كثيفة بين سواد وبياض....
اتجه هذا الرجل نحو محاسب المطعم وبادره بالقول ( انا شاقي )
قالها بعزة وشموخ وفخر. .
انا شاقي وهذه عدتي ، وبدأ يحركش كيس صغير كان يحمله في يده هو مخزن ادوات مهنته.....
قال الرجل بعد ان اخرج قطعة من الكيس ، هذه ملعقة التلييس وهذه بقية العدة في الكيس ، اختار منها قطعة وارهنها عندك ، فأنا انتظرت العمل حتي هذه اللحظه ولم يكتب ربي الرزق ، ويدي صارت ترتعش من الجوع ، ارهن عندك اي قطعة واعطني نفر رز ، وان شاء الله اجد عملا غدا وآتي لفك رهن عدتي....يزيد الرجل
اقسم بربي انني آكل من عرق جبيني ولم آتي اليك لأشحت ولكن صارت يدي ترتعش من الجوع فخفت ان ارتمي او ادوخ في الشارع....
يتحدث الرجل الشاقي شامخا وهو يحدق في المحاسب ، ولم يلتفت يمينا او يسارا ، ولم يعر كل الموجودين اي اهتمام...المحاسب جزاه الله خيرا وجزى الله والديه اللذان احسنا تربيته يرد فيقول ، ياوالد انا اعرف الرجال ، ويخرج نقودا من جيبه يضعها في صندوق الحساب ويقطع فاتورة غداء للشاقي بكل اصنافها ويقول له:
خذ عدتك فقد دفعت قيمة وجبتك من راتبي وارجوا ان لاتردني ، اذهب وخذ وجبتك واذا ربك لم ييسر امرك غدا
عد ولاتنحرج....تابعت المشهد بصمت بكل تفاصيله ، وانا احاول استصاغة طعامي علي طاولة الغداء لكن دون جدوى ، فقساوة المشهد سدت شهيتي ولم امتلك حينها الا قطرات من الدموع تنساب من عيني دون ان اشعر ، اتجهت بعدها صوب بوابة المطعم مكفكفا دموعي خوفا من ان يراني احد. .
. ..انه الجوع بئس الضجيع ولكنه لم يجعلك تنحني. ...
هذا المشهد رسالة لمن يتقلبون في النعم ليلا ونهارا ولم يشكروا ربهم ولم يحافظوا على هذه النعم مع أن أكثرهم يرون ماحولهم في حالة من الفقر والجوع والخوف ..فالمحافظة على النعم وشكرها قولا وفعلا يبقيها والعكس صحيح قال تعالى ﴿وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد﴾
أنت تقرأ
انا شاقي
Historical Fictionأنا شااااقي يقول أحد الأشخاص حدث اليوم امامي في احد المطاعم ، وانا انتظر وجبة الغداء علي الطاوله ، وكانت الطاوله بالقرب من محاسب المطعم.... اذ اقبل رجل اربعيني العمر ، يختلط سواد شعره بالبياض ، يبدوا عليه الوقار ، ثيابه عليها الاسمنت والطلاء ، يعصب...