الفصل الأول

18 2 0
                                    

ممسكاً بهاتفه  مستلقياً علي سريره ظل (عبد الله) يتصفح منشورات الفيس بوك المملة محاولاً تسلية وقته الذي يمر ببطيء شديد .

لايدري هل مايعيش فيه هو نوع من الاكتئاب قد أصابه من الإحباط بعد تخرجه من كلية التجارة؟

فبرغم أنه لم  يلتحق بالجيش كأغلب أقرانه  نظرا لأنه بلا أخوة..وعدم الإلتحاق بالجيش أمر يدعو للحسد منهم الا أنه لم يتكمن من الحصول على وظيفة رغم بحثه وسعيه.

قام بأكثر من عشرين مقابلة عمل والنتيجة واحدة هي الرفض  وذلك نابع لأنه شخص خجول هاديء الطباع ما أن يتكلم حتي تخرج منه الكلمات متعثرة ناهيك عن أنه لا يملك واسطة مناسبة فهي الطريقة الأنسب والأسرع للحصول على وظيفة هذه الأيام.

طوال عامين فشل في التقدم خطوة للأمام.. وأشد ما يؤرقه إحساسه بأنه يعيش عالة على خاله.

فقد والديه في حادث عندما كان عمره عامين وتكفل خاله به من ساعتها.. صحيح خاله وزوجته يعملانه كإبن لهم فهما لم يرزقا بأطفال.. ولكنه في النهاية شخص حساس جدا وقد كان يأمل بأنه سيريحهم من عنائه ومصاريفه بمجرد تخرجه ولكن كما يقال تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.

كان يهرب من واقعه المرير بالقراءة والانغماس بين الكتب والدخول في عوالم خيالية وطرق أبواب لم تخطر له علي بال.

بين الكتب يتخلص من شخصيته الخجولة المتحفظة.. يقرأ أي شيء بلا خجل أو خوف كأنه يريد أن ينفي عن نفسه تهمة الخجل والجبن.

عندما يروي ظمأه من القراءة يتوجه لعالم الفيس بوك العجيب ليزيد مداركه.. وكان هذا ما يفعله عندما رن هاتفه برقم لم يتصل به منذ فترة ليست بالقصيرة.. هشام صديق الدراسة.

- ازيك يا واطي.. ينفع كدة متسألش علينا الفترة اللي فاتت دي كلها؟

هكذا كان هشام مرحا سليط اللسان ولكن ليس بغرض الإهانة ولكن من باب انهم أصدقاء وهكذا تكون العلاقة الحقيقية بين الأصدقاء من وجهة نظره.

- معلش والله يا هشام.. الواحد مشغول والدنيا تلاهي انت عارف.

- مشغول ايه بس هنضحك علي بعض.. مشغول في النوم صح ولا لقيت شغل من ورايا.. ههههههههه.

- لا أبدا لسة والله.. ايه جايبلي شغل ولا إيه؟

- لا جايبلك حاجة احسن من الشغل.. رحلة للساحل الشمالي مع شلتنا القديمة.. من بعد الكلية وكلنا اتفرقنا عايزين نتجمع تاني ونسترجع الذكريات ونقضي وقت جميل مع بعض.

- رحلة ؟ وشلتنا؟ رايحين فين بالظبط ومين طالع الرحلة دي أصلا ؟

- هنقعد في فيلا بتاعة زاهر.. فيلا علي البحر وشبه معزولة وهناخد راحتنا على الآخر.

- زاهر ؟ بس انت عارف اني انا وزاهر مش بنتفق.

- يا عم الكلام ده كان زمان دلوقت احنا ناس كبيرة وعاقلة وهو اللي طلب مني أكلمك.. مش هو بس الصراحة.

رحلة ملعونة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن