راقبت فيوليت حبات الثلج الأبيض وهي تتساقط من الغيوم الداكنة من نافذة غرفتها الكبيرة، وقد سحرها المنظر وجذبها اللون الأبيض الذي بدأ يفرش الأرض خارجًا ولكن لم تكن الأرض وحدها هي من فُرشت باللون الأبيض بل وأغصان الأشجار العارية. إنها الأيام الأخيرة من ديسمبر، وهكذا اعتاد هذا الشهر أن يودعهم، لطالما أحبت فيوليت هذا الشهر لأنها تظن أن وداعه رقيقٌ للغاية ووديع حيث يغادرهم بأنقى الألوان. كانت فيوليت قد استيقظت توًّا وكانت الساعة التاسعة صباحًا، لاحظت وجود سيارة دانيل أمام باب منزلهم فلقد أخبرها أنه سيحضر اليوم، فذهبت لتغسل وجهها ثم تحضر بعض القهوة لتبدأ يومها. نزلت السلالم متجهةً نحو المطبخ ولكنها استغربت عدم رؤيتها دانيل حتى الآن، فيبدو أنه حضر منذ فترة ومع ذلك لم تره بعد، ربما كان يتحدث مع والدتها أو والدها. اتجهت إلى اليمين بعد أن نزلت السلم وقد كان المطبخ وراء مكان الدرج، لكنها توقفت عند غرفة المكتب الذي تقبع على صف حائط المطبخ وقد سمعت ما استوقفها وأثار فضولها فاقتربت من الباب.
«طلبت منك الابتعاد عنها وقد كان هذا أمرًا مني.»
سمعت صوت والدها وهو يصرخ وقد بدا أنه غاضبٌ جدًّا.
«وأخبرتك أنها ستبقى شقيقتي ولن أبتعد عنها أبدًا، فأنا لن أكترث لأوامرك». أجابه دانيل بحدة بعد أن تشنجت عضلات وجهه من الغضب.
احتدت ملامح ألفريد وهو يستمع إلى رد ابنه الذي اعتبره وقاحة كبيرة منه، وقد رغب أن يبرحه ضربًا لولا أنه ظل يحاول السيطرة على أعصابه، فهو يعرف أن هذا الحل لن يزيد الأمر إلا سوءًا، فدانيل عنيد جدًّا ويزداد عناده أكثر مع تعنيفه.
«سأثبت لك قريبًا جدًّا أنها ليست شقيقتك». قال ثم صمت قليلًا ليتبع كلامه بصوت أعلى وأكثر حدة وهو يكز على أسنانه بغيظ: «فيوليت ليست شقيقتك، فهمت؟ هي لا تنتمي إلينا ولا تنتمي إلى عالمنا، إنها مجرد لقيطة لا نعرف إلى أين تنتمي، ضممتها إلى أسرتي للتغطية على فضيحة يومئذ، هي حتى ليست ابنة ساندرا، هل فهمت؟».
اتسعت عينا فيوليت التي كانت تقف خلف الباب تستمع إلى حديثهما بصمت..
امتلأت عيناها بالدموع وخفق قلبها بشدة، كانت جملة واحدة فقط تتردد على مسامعها دون توقف تحاصرها وتزيد من آلامها «إنها مجرد لقيطة». هي حتى ليست ابنة ساندرا ولا تنتمي إلى هذا العالم. وضعت يدها على فمها بغية حبس صوت بكائها ودموعها تتساقط حارةً على خديها. يداها وقدماها ترجفان دون أن تستطيع التحكم بهما، وضيق شديد يجعلها ترغب أن تختفي عن الوجود في تلك اللحظة.
بقي دانيل ينظر إلى والده وقد خارت قواه وارتجفت حدقتا عينيه وقد تحولت نظراته الشرسة إلى أخرى منكسرة وحزينة. لم يكن يستطيع تصديق ما قاله والده.
«لن أسامحك أبدًا». قال دانيل بكلمات متبعثرة بنبرة حزينة ومكسورة وداخله يستعر بنار تحرقه وتؤلمه.
أنت تقرأ
بعيداً عن الأرض✔️
Science Fictionالتفت يراقب الشمس و هي تغيب بعيداً بين الأفق بينما كان الهدوء الذي حل في الأرجاء لا يشوبه إلا صوت صراخها و بكاءها. أدرك بأن غياب شمس هذا اليوم ليست سوى إشارة على غياب كل شيء متعلق بالماضي و غداً عندما تشرق شمس نهار جديد سيبدأ كل شيء جديد في مستقبل...