أنا وأُمي والعذاب :_
هل أختبر أحد كيفية البؤس؟ هل عايش احد ظلم الأيام وتعاقدها مع الحزن ضده؟ اِنه أنا ..,وبما أني أنا وبشكل شخصي اعتقد لا أحد هزمته الأيام وتكافلت مع من ظلمني والقدر مثلي..
رجل أنا الآن في الخامسة والأربعون من العمر وعجوز هرم في الداخل ..طفولة مشققة الجوانب طفحت معاناة لشقاء مفروض من قبل أقرب الناس الىَ..من أبي وزوجته وأخوتي منها , ثم فيما بعد من زوجتي وحتى اولادي ومعظم الأقرباء!..مالسبب ولماذا أنا دون اشقائي أعاني وعانيت ؟..لا اعرف!..
تزوج أبي على أُمي مرتان الأولى لم تطوَل فطلقها بعد شهر والثانية أستقرت وأصبحت كمسمار في حياة أُمي ,انجبت أُمي شقيقا لي هو الثاني بعدي وشقيقة لي هى في الترتيب الثالث ولم تنجب بعد ,اما زوجة أبي فقد كانت مصنع اِنجاب حتى بلغ عدد أولادها سبع أربعة ذكور وثلاث اِناث,
كان أبي يميل للأخرى ولا تنال منه أُمي اِلا الضرب والسب وننال نحن الجو الرهيب والحزن والخوف..كنا اِذا أقبل أبي وسمعنا صرير الباب وهو يفتحه نتوزع أنا وأخي وأختي في الحجرات نبحث عن ملاذ ..كنت أنا دائما أحتبئ في دولاب المطبخ فأحشر فيه نفسي ولولا ضعف حجمي وقِصري لما احتواني..كنت في السادسة من العمر فقط حينذاك وأختي في الرابعة والنصف وأخي في الخامسة من العمر..وكنت أشعر أني كبير ورجل ..وكنت عندما تبكي أُمي بعد ضرب ابي لها وأنصرافه لبيته الأخر اهرع لها أسكتها وأمسح دموعها بطرف قميصي وأنصحها بالهروب أو بقتله ..كانت عندما اقول ذلك تضحك ملء فمها وانا اتعجب منها كيف تبكي وتضحك في آن واحد..وكنت اعد السندويتشات لأخوتي ولنفسي لأن أُمي تبقى في مكانها لا تريم تلعن حظها وترجوا الله أن يعطف عنها ويتوفاها ..نادرا ما كانت تعد لنا الطعام السخن ..كل طعامنا أغلبه سندويتشات تن أو جبن أو حتى خبز حاف..تعودنا وحسبنا أن كل الناس لا تطبخ اِلا في بعض الأحيان , وأن كل الأباء يضربون الأمهات ..ولكن الأمر الوحيد الذي لم افهمه حينئذ هو عندما يضربها ويجدبها من شعرها الطويل اِلى حجرتها أني اسمع ضحكاتها! ..وتعاود نوبة البكاء بعد انصرافه!..تساءلت ما الذي يضحكها وهو قد اوجعها ركلا ولطما وجدب شَعر ! تُرى ماذا يفعل لها كي تقهقه بصوت رغم أني لم افهم مغزاه اِلا اني كنت اشمئز منها وأكرهها في تلك اللحظات..وكم حاولت استكشاف الأمر فتلصلصت من خلال ثقب الباب ولكني أصدم وفتحة المفتاح قد أُغلقت بقطعة قماش !..,
كانت أُمي خليط من الضعف والسداجة والطيبة وكانت ذات جمال ,وكان أبي جسيما طويلا قاسي الملامح أحسبه دائما أنه ليس بشري بل شيطان..,وليتها هذه الحياة أستمرت لأنها برغم قساوتها تعتبر جنة بالنسبة للأعوام التي تلت وفاة أُمي..عل الأقل كنا في بيت خاص بنا واحرار ..نصرخ ,نجري في اروقة منزلنا , ندخل مطبخنا متى شئنا أ..لكن وقد وافت أُمي المنية في صباج ملبد حزين قد تغير ت حياتنا للأسوأ..
في الصباح وككل صباح نهضت من نومي ودخلت الحمام لأعتسل ومن ثم دخلت للمطبخ أبحث عن شئ اتناوله ..وجدت أخي جالس القرفصاء ويأكل بنهم قطعة خبز يتقاطر منها معجون الطماطم والزيت ..مسحت الأرضية عندما انتهى من وجبته التي أعدها وبينما أنا اقطع الخبز وأضعه في طبق واصف بجانبه مثلثات الجبن وحبات من الزيتون وأذهب لأُمي واِذا بي اسمع بكاء أختي المرتفع ..هرعت لها تاركا الصينة ودخلت لحجرة أُمي فوجدتها ملقاة على وجهها وقيَها يغطيه وأختي تولول أُمي أُمي ..ماذا أفعل وأنا الطفل ذوي السابعة من العمر بلغتها منذ ايام فقط ..؟وولولت مع أختي ..أمي أمي لا تموتي
وولول أخي وطفقنا نكلمها وهى لا ترد وحاولنا تقليبها فلم نستطع ..وعندما استمرت في صمتها وعجزنا تماما أمام هذه المصيبة خرجت لبيت الجيران المقابل لمنزلنا وبدأت ادق بابهم بسرعة وأصرخ بطفولة بريئة ..افتحوا الباب أُمي ماتت ..فتحوا بابهم وتبعوني لمنزلنا وهنا تيقنت أن أُمي فارقت الحياة ..قالوها صراحة..أُمكم ماتت ..,وتطوع أحد أولاد الجيران للذهاب لمنزل أبي الأخر الذي لم يكن يبعد كثيرا وفي نفس الحي ليخبره بوفاة أُمي ..وجاء مسرعا والغريب أنه بكى وترحم عليها وهو لم يرحمها حية يوما ..بقينا اسبوع في منزلنا ومكتث زوجة أبي وصغارها السبع وبالطبع أبي ..كانت حجرة أُمي مقفلة ولم يدخلها أحد قط ..وفي الليل ..
______
YOU ARE READING
البائس
Spiritualعندما تُقفل كل الأبواب في وجه أحدهم,عندما يختبر شخص ما.. الألم ويعاني ..فكيف سيكون وجه البؤس...