بعد ان استقر القمر في منتصف السماء وخلد الجميع الى النوم ازلت الغطاء الذي كان يعطيني القليل من الدفء وانسحبت بهدوءٍ من سريري متجهةً الى النافذة التي حاولت فتحها دون ضجيج، فإن استيقظت امي ستجبرني على النوم من جديد
نظرت الى القمر مبتسمةً
لما نبتسم؟
هل لنعبر عن "السعادة"؟
لكن ماهي السعادة
اهي نوعٌ من المشاعر؟
هم يبتسمون عندما يحدث شيءٌ جيد لذلك عليَّ ان ابتسم انا ايضًا لانني ارى القمر والقمر شيءٌ جيد بالنسبة ليلما القمر شيءٌ جيد
لا اعلم، لكن ربما لانه ساكنمن دون اي اكتراثٍ لارتفاع نافذتي الشاهق جلست على حافتها ومددت قدمي الى الخارج
لما اكترث؟
هل الاكتراث شعور؟
ربما لانني قد اسقط ، لكن لماذا ليس عليَّ السقوط؟ لانهم لا يريدون ذلك..نظرت الى السماء في في ما يسمونه "الشرود" اراقب مجموعات النجوم واصل بعضها بعضًا لاكون الصورة التي اريد، لكن ومن بين كل ما خلقه عقلي عن تلك النجوم كانت صورته هو بالذات تضيء دونًا عن كل الصور، ذلك الفتى الذي اظن اني احببته دون ان يغعل اي شيء، فعادةً يفعل الفتيان اشياءً كثيرة ليجذبوا انتباه الفتيات.. هو لم يفعل اي شيءٍ منذ رأيته بالمعنى الحرفي.. لكنني ربما احببته لانه مثلي نوعًا ما
احينًا ما يعود لي وعيي فاظن انني امتلك "مشاعر" لكنه سرعان ما يختفي
هو يجلس في نهاية الصف بجانب الحائط وينظر الي مجموعةٍ من المتنمرين يجلسون امامه في غضب طوال الوقت،
انا افهم المشاعر لكنها نادرًا ما تصيبني، غضب!! افهم تلك الكلمة
لم ارى احد المتنمرين يعطيه اي اهتمام ولو لمرة ولم أره يأكل او يشرب او يكتب الدروس، لو كنت امتلك المشاعر لتعجبت من عدم توبيخ المعلمين له على اهماله، الجميع يعامله على انه غير موجود كما يفعلون معي..
انا ايضًا اشبهه قليلًا فانا لا املك اصدقاء ولا آبه لأي احد؛ اجلس مجاورةً للحائط واكتفي بكتابة الدروس والاستذكار فقط، جال بي اهلي كل الاطباء النفسيين في بلادنا ولكن احدهم لم يصل لأي نتيجة، هذا لأنني لم اتكلم او اجب عن اي سؤالٍ قط!!
الفتيات ينفرن مني ويغرن لأنني الاكثر جمالًا بينهن انا اشعر بذلك وافهمه، اسمع ذلك يدور في عقولهن
حاول احد المتنمرين ذات مرة ملاحقتي فلكمته في انفه ومرت فترةٌ بعدها قبل ان يعاود المجيئ الى المدرسة وقد احاط انفه بضمادة طبية كبيرة، منذ ذلك اليوم ولم يعد احدٌ يقترب مني
لكني احببت ذلك الفتى الذي لم ينظر لي قط، في اللحظات التي عاد اليَّ وعيي بها.. اكتشت انني احبه
كان يملك شعرًا اسود لامعًا وعينان رماديتان لم ارى مثلهما في حياتي، راودني ذات مرة فضولٌ لأمره ولكنني تراجعت حين فكرت في الحديث معه، فانا لا احب كثرة الثرثرة، لم اره يبتسم قط لكنني ابتسم كلما تذكرته فينظر لي افراد الأسرة بتعجب، هم لم يعتادوا مني الابتسام
أسرة!! ماذا تعني تلك الكلمة
اهم مجموعة اشخاصٍ يحيطون بك اجبارًا ويضعون انوفهم في كل شؤونك، هل عليك ان تحبهم؟!
حب!! ماذا تعني تلك ايضًا
انا لم اجرب ذلك الاحساس من قبل، اهو ما شعرت به عندما رأيت ذلك الفتى؟ انا اشعر باشياء لا اعتقد انهم يشعرون بها واسمع ما يدور بعقولهم، لكن ذلك الفتى كان دون الكل، لم يصدر منه اي مشاعر او اي افكار، اشعر ان عقله فارغ والفضول يدفعني لحشر انفي كما تفعل "الأسرة"اتذكر انني لم اكن املك تلك القدرة الى ان اصبحت في الخامسة، يومها كان عيد ميلادي الخامس عندما وقفت على كرسيٍ اتأمل الشارع من متراسِ البيت فإذا بجسدٍ لم اتبين ملامحه يسقط من الطابق العلوي ويتهاوى الى الأسفل، بعدها سمعت صوت انفجارٍ ورأيت الجسد على الأرض يطفوا فوق بركةٍ من الدماء
بعد ذلك اليوم بدأت قواي العقلية تتشتت ونادرًا ما ابذل جهدي لاجمعها، لكن ذلك الفتى اعادها اليَّ بكل بساطة
يتبع..
❤❤❤
أنت تقرأ
مختلة
Mystery / Thrillerمن دون اي اكتراثٍ لارتفاع نافذتي الشاهق جلست على حافتها ومددت قدماي الى الخارج لما اكترث؟ هل الاكتراث شعور؟ ربما لانني قد اسقط، لكن لماذا ليس عليَّ السقوط لانهم لا يريدون ذلك...