تذمَّرتُ وشتمتُ جهراً حين رنَّ هاتفي ليلاً. في الواقع لم أكُن أدري كم الساعة. أو كم مرَّ عليَّ وأنا نائمة. لم أُزْعِج نفسي بإنارة الغرفة، فقد كنتُ أخطِّطُ متابعة النوم بعد إنهاءِ المكالمة.
فركتُ عيني اليمين وضغطتُ على زر القبول. "اوه، جونغوكي؟" ردّيتُ بصوتي الخَشِن الذي غلبه النُّعاس. أخليتُ حلقي، منتظرةً ردَّاً منه، ولكنه لم يجبني. كنتُ أسمع أنفاسه فقط.
"ياه.. جون جونغوك.. أنا مُتعبة، أرجوك تكلَّم" تذمَّرتُ وأنا أفرُك عيني الأُخرى.
"ساليوجوسييو" (أنقِذيني) همَس بصوتِه المُرتَجف، فأصابَني الرُّعب، وجلَست.
"ماذا؟!" سألتُه بارتباك.
"ساليوجوسييو نونا.." سمعتُ شهقاته. "تشيبال."
"جونغوك، أينَ أنت؟" نهضتُ من مكاني بِسُرعة، وارتديتُ سترتِي الصوفيَّة السوداء. "جونغوك؟".
جونغوك: في المنزل.
حسناً، ابقى حيثما أنت. سآتي إليكِ بأسرعِ ما يُمكن." أنهيتُ المكالمة، وأخذتُ مفاتيحَ سيَّارتين وانطلَقت.
لم يسبَق لي أن تلقَّيتُ مكالمةً يائسةً من جونغوك من قبل. اعتدتُ أن أتلقَّى اتصالاتٍ تغيظني نهاراً وليلاً، أو اتصالاتٍ تدعوني للمرور إلى منزله، ولكن ذلك النوع من الاتصالات كان مُختلفاً.
وصلتُ إلى منزله، وركنتُ السيَّارة بالقربِ وتوجَّهتُ بخُطواتٍ سريعةٍ نحو الطابق الرابع. طرقتُ الباب، وحضنتُ أطرافَ سترتي إلى صَدري؛ أقِي نفسي من برودة هذه الليلة. لم يفتحْ الباب. ما باله؟
مسكتُ المِقبَض وأدرتُه؛ انفتح الباب، فهلعت. هل هناكَ سارقاً اقتحمَ المنزل؟ ألهذا السبب تحسَّستُ خوف جونغوك؟ والباب المفتوح..؟ دفعتُ البابَ بكفِّي بخفَّةٍ ودخلت. مسكتُ المِظلَّة التي أعرف مكانِ تواجدها بالقرب من باب المدخَل. توجَّهتُ نحو المطبخ؛ لأنَّها الغرفة الأقرب إلي. في طَيِّ الظلامِ لمحتُ مُجسَّماً لشخصٍ ما. رفعتُ المظلَّة لأهمُّ بضربِ العدوِّ، إلى أن سمعتُ شهقَةً فتراجعتُ عن فعلي، وهمستُ راجفةً. "جونغوك؟" . سمعتُ شهقةً أُخرى. "هل أنتَ لوحدك؟" سألتَهُ لأتأكَّدَ قبل أن أقوم بفعلِ أي شيءٍ خاطئ. همهمَ لي بخفَّة، فأنرتُ المطبخ.
أنزلتُ مِظلَّتي حائرةً على المشهد أمامي؛ كان جالساً على الأرض، يحتضن ساقيه، يرتجف بخفة. "جونغوك-آه.. هل أنتَ بخير؟ هل تآذيت؟؟" جثَوتُ لأصلَ إلى مستواه وتفحَّصتُ وجهَهُ كالأُم القلقة على ندوبِ ابنها، فقابَلني بنظرةٍ باكية، وهو يومئ.
