REAL FRIENDS (إخوان الصفاء)

84 0 0
                                    

                      PART -1

......فبينما الغراب في كلامه إذ أقبل نحوهم ظبي يسعى.  فذعرت منه السلحفاة فغاصت في الماء و خرج الجرذ إلي جحره وطار الغراب فوق على شجرة.  ثم إن الغراب حلق في السماء لينظر هل للظبي طالب؟  فنظر فلم ير شيئاً. فنادى الجرذ و السلحفاة. وخرجا، فقالت السلحفاة للظبي : حين رأته ينظر إلى الماء، اشرب إن كان بك عطش. فدنا الظبي فرحبت به السلحفاة وحيته.  وقالت له من أين أقبلت؟  قال كنت أسنح بهذه الصحاري فلم تزل الأساورة تردني من مكان إلى مكان آخر، حتى رأيت اليوم شبحا.  فخفت أن يكون قانصا.  قالت لا تخف فإنا لم نر ههنا قانصا قط، ونحن نبذل لك ودنا ومكاننا، والسماء والمرعى كثيران عندنا فارغب في صحبتنا فأقام الظبي معهم، وكان لهم عريش يجتمعون فيه ويتذاكرون الأحاديث والأخبار...

                       PART-2

فبينما الغراب والجرذ و السلحفاة ذات يوم في العريش ، غاب الظبي فتوقعوه ساعة ، فلم يأت.  فلما أبطأ أشفقوا أن يكون قد أصابه عنت.  فقال الجرذ و السلحفاة للغراب : أنظر هل ترى مما يلينا شيئاً ؟  فحلق الغراب في السماء ، فنظر ، فإذا الظبي في الحبائل مقتنصا.  فانقض مسرعا فأخر هما بذلك.  فقالت السلحفاة و الغراب للجرذ : هذا أمر لا يرجى فيه غيرك ، فأغث أخاك. فسعى الجرذ مسرعا فأتى الظبي فقال له : كيف وقعت في هذه الورطة وأنت من الأكياس ؟ قاب الظبي : هل يغني الكيس مع المقادير شيئاً ؟  فبينما هما في الحديث إذ وافتهما السلحفاة.  فقال لها الظبي : ما أصبت بمجيئك إلينا ؛ فإن القانص لو انتهى إلينا وقد قطع الجرذ الحبائل استبقته عدوا ، و للجرذ أجحار كثيرة ، و الغراب يطير وأنت ثقيلة لا سعي لك ولا حركة ، و أخاف عليك القانص.

قالت السلحفاة : لا عيش مع فراق الأحبة،

وإذا فارق الأليف أليف ،

فقد سلب فؤاده ،

وحرم سروره ،

و غشي بصره.

فلم ينته كلامها حتى وافى القانص ، ووافق ذلك فراغ الجرذ من قطع الشرك.  فنجا الظبي بنفسه ، و طار الغراب محلقا ، و دخل الجرذ لبعض أجحاره ، ولم يبق غير السلحفاة.   ثم دنا الصياد فوجد حبالته مقطعة.  فنظر يمينا و شمالا فلم ير غير السلحفاة تدب.  فأخذها وربطها...

                      PART-3

فلم يلبث الغراب و الجرذ و الظبي أن اجتمعوا فنظروا القانص قد ربط السلحفاة فاشتد حزنهم.  وقال الجرذ : ما أرانا نجاوز عقبة من البلاء إلا صرنا في أشد منها.  ولقد صدق الذي قال : ﻻ يزال الإنسان مستمرا في إقباله ما لم يعثر ، فإذا عثر لج به العثار وإن مشى في جدد الأرض.

و حذري على السلحفاة خير الأصدقاء اللتي خلتها ليست للمجازاة و ﻻ لالتماس مكافأة ، ولكنه خلة الكرم والشرف ، خلة هي أفضل من خلة الوالد لولده ، خلة لا يزيلها إﻻ الموت. ويح لهذا الخسد الموكل به البلاء الذي ﻻ يزال في تصرف وتقلب ، ولا يدوم له شيء ، ولا يلبث معه أمر كما ﻻ يدوم للطالع من النجوم طلوع ، ولا لﻵفل منها أفول ، لكن لا يزال الطالع منها آفلا والآفل منها طالعا ، و كما تكون آﻻم الكلوم و انتقاض الجرحات ، وكذلك من قرحت كلومه بفقد إخوانه بعد اجتماعه بهم...

                       PART-4

فقال الظبي و الغراب للجرذ : إن حذرنا و حذرك وكلامك وإن كان بليغا كل منها لا يغني عن السلحفاة شيئاً.

وإنه كما يقال : إنما يختبر الناس عند البﻻء ، و ذو الأمانت عند الأخذ و العطاء ، والأهل والولد عند الفقاة ، كذلك يختبر الأخوان عند النوائب.

قال الجرذ : أرى من الحيلة أن تذهب أيها الظبي! فتقع بمنظر من القانص كأنك جريح ، و يقع الغراب عليك كأنه يأكل منك ، و أسعى أنا فأكون قريباً من القانص مراقبا له لعله أي يرمى ما معه من الآلة و يضع السلحفاة و يقصدك طامعا فيك ، راجيا تحصيلك. فإذا دنا منك ففر عنه رويداً بحيث لا ينقطع طمعه منك و مكنه من أخذك مرة بعد مرة حتي يبعد عنا وانح منه هذا النحو ما استطعت.  فإني أرجو أﻻ ينصرف إﻻ وقد قطعت الحبائل عن السلحفاة و أنجو بها.

ففعل الغراب و الظبي ما أمرهما به الجرذ ، و تبعهما القانص فاستجره الظبي حتى أبعده عن الجرذ و السلحفاة ، و الجرذ مقبل على قطع الحبائل حتي قطعها و نجا بالسلحفاة. ثم عاد القانص مجهودا ﻻغبا فوجد حبالته مقطعة ففكر في أمره مع الظبي المتظلع فظن أنه خولط في عقله ، و فكر في أمر الظبي و الغراب الذي كأنه يأكل منه ، و قرض حبالته. فاستوحش من الأرض وقال : هذه أرض جن أو سحرة. فرجع موليا لا يلتمس شيئاً وﻻ يلتفت إليه.

واجتمع الغراب و الجرذ و الظبي و السلحفاة إلى عريشهم سالمين آمنين كأحسن ما كانوا عليه...

                       PART-5

فإذا كان هذا الخلق مع صغره و ضعفه قد قدر على التخلص من مرابط الهلكة مرة بعد أخرى بمودة و خلوصها و ثبات قلبه عليها و استمتاعه مع أصحابه بعضهم ببعض ، فالإنسان الذي قد أعطى العقل و الفهم و ألهم الخير و الشر ومنح تلتمييز و المعرفة أولى و أحرى بالتواصل و التعاضد. 

فهذا مثل إخوان الصفا ء وائتلافهم في الصحبة♡

          END    END    END    END 

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jul 18, 2014 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

♡TRUE FRIENDS♡حيث تعيش القصص. اكتشف الآن