كنت أقضي اليوم بأكمله شبه نائم، كان وعيي مشوّشاً يغمره الضباب، حتى أنني لم أعد أقدّر المسافة التي تفصلني عمّا يحيط بي من أشياء، لا أحجامها ولا تركيبها. كان الخدر يجتاحني كلّ مرة بالانتظام الزمني ذاته لموجة في البحر، فإذا بي أغفو دون أن أنتبه، سواء كنت على مقعد الباص أو طاولة العمل أو وسط الدرس وفي أثناء تناول العشاء. كنت أشعر بوعيي وكأنه يبتعد عن جسدي ليشرع العالم في التأرجح بلا ضجيج، كل ما حولي كان ينهار.
هذا هو الحال مع الأرق، كل شيء بعيد; نسخة من نسخة من نسخة.. الأرق يبعدك عن كلّ شيء، لا تستطيع معه لمس شيء ولا شيء يلمسك، حاول أن لا تنام وسوف يصير كلّ شيء كتجربة خروج الروح من الجسد.