لا تذكر ماذا قال بالتحديد. قبل أن يحول قلبها مطفأة للسجائر, ويمضي.
منذ ذلك اليوم وهي تتصدى لشوقها الذي فخخه بالتحدي.
تلهي نفسها عن حبه, بكراهيته, في انتظار العثور على مبرر مشرّف للاتصال به, مناسبة ما, يمكن أن تقول له فيها "ألو.. كيف أنت؟" دون أن تكون قد انهزمت تماماً؟
في تمويه لإخفاقات عشقيَّة, عرضت عليه يوماً أن يصبحا صديقين.
أجابها ضاحكاً "لا أعرف مصادقة جسد أشتهيه". كادت تسعد, لولا أنه أضاف " أنت أشهى عندما ترحلين.. ثمة نساء يصبحن أجمل في الغياب".
ولم تفهم ما الذي كان يعنيه.
أما الذي كان يعنيها, فأن تستمع إليه.
هوذا, لم يتغير. ما زال يتوق إلى الكلام الذي لا يقال بغير العينين. وهي لا تملك إلاّ أن تصمت, كي ينصتا معاً إلى صخب الصمت بين عاشقين سابقين.
بين نظرتين, يتابع الحب تهرّبه العابث. وذاكرة العشق ترتبك.
مع عاشق آخر, كان بإمكانها أن تخلق الآن ضجة وضحكاً.
أن تختلق الآن للصمت صوتاً, يغطّي على صمتها. أن تخلق الآن إجابة لكل سؤال.
ولكن معه, هي تحتفظ بالأسئلة, أو تطرحها عليه دفعة واحدة, دون صوت, بل بذبذبات صمت وحده يعرفها.
وهو يقول دون أن يطفئ سيجارته تماماً, دون أن يشعل رماد الأحلام, دون أن يقول شيئاً بالتحديد, دون أن يقول شيئاُ إطلاقاً, كان يعترف لها بأنه تغيّر كثيراً منذ 1لك الحين.
هو رجل يشي به سكوته المفاجئ بين كلمتين.
YOU ARE READING
فوضى الحواس
Romanceينتهي الحب عندما نبدأ بالضحك من الأشياء التي بكينا بسببها يوماً نحن نأتي ونمضي، دون أن نعرف لماذا أحببنا هذا الشخص دون آخر؟ ولماذا نموت اليوم دون يوم آخر؟ لماذا الآن؟ لماذا هنا؟ لماذا نحن دون غيرنا؟ ولهذا فإن الحب والموت يغذيان وحدهما كلّ الأدب العا...