العِرْق دَسّاسْ~

141 12 0
                                    


في يوم من الأيام سافر رجل إلى بلدة وأخد ينادي بأعلى صوته في أسواق البلدة: "أنا سياسي أحل جميع المعضلات والمشكلات بين الدول والعشائر وبين الناس ، أنا افضل سياسي يمكن ان تعرفه "، أخذ الرجل يمشي في البلدة حتى وصل كلامه إلى الملك وهو في قصره ، فنادى رجاله وامرهم أن يحضروا له هذا المنادى .
دخل الرجل على الملك وبعد التحية والسلام سأله الملك : " هل أنت سايس (المسئول عن رعي الخيول ) ؟"رد عليه المنادى الذي كان بالفعل سايس :"لا يا سيدي أنا سياسي "فقال له الملك :"ولكنني سمعت اليوم أنك سايس  واليوم قررت تعيينك لدي سايس للخيل  حيث أن لي فرس غالية أحبها كثيراً و أريد منك أن تعمل سايس لدي " رد الرجل :"ولكنّي لست بسايس " فقال الملك : "قلت لك إنك سايس وإن رفضت أعدمتك" فما كان من الرجل إلا أن وافق على حكم الملك خوفاً من الموت ، فتسلم الفرس من السايس السابق لها ، وقد حذره السايس قائلاً: "هذه الفرس هى أغلى وأعز على الملك من روحه ، فإياك أن تخبره يوماً عن عيوبها وإلا يقوم بإعدامك دوت تفكير "
زاد خوف الرجل فرجع إلى الملك وطلب من أن يعفيه من هذه المهمة ، فقال له الملك :" كيف اعفيك وقد عينتك سايس "
ونادى رجاله فقاموا بتحضير غرفة الملك وفراشه وأعطوه ثلات وجبات مرق و أرز ليباشر مهمته كسايس لفرس الملك، و بالفعل باشر الرجل عمله ومر عشرون يوماً كاملاً ثم هرب الرجل من الملك ، بحث الحراس عنه حتى وجدوه ووضعوه أمام الملك الذي سأله :" لماذا هربت ؟ هل وجدت عيباً في الفرس؟" فقال الرجل :" يا مولاي اعفيني " فقال الملك :" اخبرني الآن ماذا وجدت في الفرس وسبب هروبك وإلا اعدمتك " فقال الرجل للملك :" اعطني الأمان " فأعطاه الملك الأمان ، قال الرجل " هذه الفرس أصيلة وكل من أخبرك أنها رضعت من أمها الأصيله اسمع ولا تصدق " حمل الملك سيفه على الفور وهم بقطع رأس الرجل قائلاً : كيف تجرؤ أن تقول عن فرسي أنها لم ترضع من أمها" وامر رجاله بإلقاءه في السجن وارسل في طلب الوزير الذي اهداه هذه الفرس ، أتى الوزير فسأله الملك :" كيف تعطيني هذه الفرس وهى لم ترضع من أمها الأصيلة ؟" فقال الوزير :" سامحني يا مولاي فقد ماتت والدتها عند ولادتها " سأل الملك :" ومن ارضعها إذاً " فقال الوزير : كان لدي بقرة هى التي قامت بإرضاعها " فكر الملك قائلاً :" إذاً كلام السايس صحيح " وامر الحراس بإخراجه من السجن ،وقال له :" اخبرني كيف عرفت أن هذه الفرس لم ترضع من أمها ؟" فقال الرجل :" في العادة الفرس الاصيل تأكل في معلف أو تعلقه في رقبتها تأكل منها مرفوعة الرأس ، أما فرسك تبحث عن الطعام على الأرض مثل البقر ، والفرس الأصيل لا يضع رأسه في الارض ابداً " فقال الملك للسايس :" احسنت ، والآن عليك ان تسوس زوجتي أي تقوم بخدمتها " توسل الرجل الملك كثيراً حتى يعفيه من هذه المهمة ،ولكنه رفض وصمم على قيامه بخدمة زوجته، وامر حراسه بالذهاب للملكة حتى يخبرها أنه عيّن خادم جديد لخدمتها ، دخل الرجل على الملكة وألقى التحية وبدأ في خدمتها ، بعد مرور فترة من الزمن ، سأله الملك :" ماذا وجدت من زوجتي؟" فطلب الرجل متوسلاً الملك أن يعفيه إلا ان الملك اصرّ أن يجاوبه ، فطلب منه الرجل الأمان فأعطاه الملك الأمان ، فقال الرجل :" أنها تربية ملوك وشرف ملوك وأخلاق ملوك وكرم ملوك ولكن من يقول لك أنها ابنة ملوك اسمع ولا تصدق " فجن جنون الملك وامر بسجنه وحرمانه من الطعام ، وذهب الملك إلى والديّ الملكة في بلدة معينة ليستوضح الامر منهم ، فأخبروه أنه كان هناك اتفاق بينهما وبين أبو الملك منذ ان كان عمر زوجته عامين ، وكان ابو الملك ملكاً ظالماً وقد اصابت ابنتهما الحصبة وماتت ، وخافا كثيراً من الملك الظالم فأخذوا ابنة يتيمة ليس لها احد وقاموا بتربيتها كأنها ابنتهما للتتزوج من ابن الملك ، رجع الملك إلى مملكته متعجباً وجلب الرجل يسأله " كيف عرفت أن زوجتي ليست ابنة ملوك رغم أنها تربت على يد ملوك منذ كان عمرها عامين " فقال الرجل :" لان عندها غمزة بعينها تتغامز عندما تتكلم ، وهذه عادة من عادات الغجر يتغامزون عندما يتكلمون، ومن هنا عرفت أنها ليست ابنة ملوك " انبهر الملك بذكاء الرجل وامر له بخروف عند الصباح وعند الغذاء وثالث عند العشاء وامره ان يقوم على خدمته بنفسه .
اضطربت فرائض الرجل من الخوف واحتار كيف يتخلص من هذه المشكلة وتوسل الملك كالعادة ولكن بلا فائدة ، فهرب الرجل ليلتها فجلبه الحراس ، سأله الملك :" لماذا هربت ؟" ، فرد الرجل : من يقول لك أنك ابن ملك اسمع ولا تصدق ، جن جنون الملك وذهب إلى أمه وسألها " "ابن من أنا ؟"فقالت له :"والدك كان ملكاً ظالماً ولا ينجب ، يتزوج وبعد تسعة اشهر إن لم تحمل زوجته يذبحها ، وهكذا قضى على نصف بنات البلدة حتى وصل الامر لي ، فخفت ان يذبحني وكان في القصر طباخ له ابن انت هو ، فأخذته حتى لايقتلني الملك الظالم ، فأنت ابن الطباخ "
رجع الملك إلى الرجل وسأله :" كيف عرفتني ؟" فقال الرجل :" الملك عندما يعطي ويهب ، يعطي ذهباً وفضةً ، أما أنت عندما كنت تعطيني كنت دائماً  تعطي مرق ورز وعشاء فاخر وكنت عندما تغضب تأمر بحبسي ومنع الطعام عني ، فالذي يرافق الطباخ ماذا ينال منه عندما يرضى عنه سوى الطعام ، وعندما يغضب يقطعه عنه" ....

قِصَصْ قَصِيرَة ~ Śhòrt śtóríèš Where stories live. Discover now