Par1

149 4 7
                                    

الأشباح:

١-

كانت ليلة الثاني عشر من أيلول،نعم إن لم تخذلني الذاكرة هي الأخرى،بدى كل شيئ طبيعيا وكانت الشوارع تضج بروتينها المرهق من فرط التكرار،كان كل شيئ طبيعيا حد الشذوذ.

وخاصة المنطقة التي يتواجد فيها مبنى السينما القديم!

منطقة ضيقة تتزاحم الضواري في شوارعها عند مغيب الشمس وساعات الذروة،من قطط وكلاب وبشر حتى!

نعم لا تعجب من ذكري للإنسان"عزيزي القارئ" ولا من تصنيفي إياه ضاريا فهو كذلك بلا شك وأعتقد جازما بأنه كان ليشعر بالإهانة لو لم أصنفه كذلك،الإنسان الموريتاني على وجه الخصوص!!

المكان يعبق هدوءا وسكينة،ليست تلك التي نستشعرها عند المقابر طبعا،وإنما سكينة لا يشوبها موت ولا فناء،لا تشوبها أي معكرات أو خرافات!اللهم إلا مواء قطة البقال وصوت سعال قوي صدر من الناحية الشمالية.

عند العاشرة بدأت الأقدام المهرولة تنبثق من هنا وهناك،مسرعة مستخفية،تواصل الأمر بشكل مريب جدا!!

وكأن قبورا ما إنشقت عمن بداخلها،عطشى للحياة وأصحاب مشاريع غير مكتملة،قصائد حياة خصية!

كالعشاق وضحايا الوعود المنكوثة يتعاطون الحياة بسرية وحذر وكأنما يتفادون القبض عليهم متلبسين بجرم الحياة!

٢-

دفعني فضولي إلى الحذو حذوهم ،متسللا إلى أن وصلت إلى بوابة ما،كان الباب صدئا جدا لدرجة أن اللون هجره عن سبق إصرار كذكريات مسن في عقده التاسع!

قمت بهز القفل من باب اليأس فقط،محدقا بنظري إلى الجانب الآخر من السور الإسمنتي،إذ لمحت فجوة بالحائط!

إلا أنني فوجئت بالقفل يسقط على الأرض،فتحت فمي موشكا على التلفظ بلعنة ما تعبيرا عن فرحتي إلا أنني ضبطت نفسي وسحبت الباب بإتجاهي.

إكتفيت بفتح المساحة التي تمكنني من الدخول،أدخلت شقي الأيمن وبينما كنت في خضم إدخال شقي الآخر بأعصاب مرتبكة وأنفاس ثقيلة لمحت قطة سوداء تخرج مذعورة من نافذة لبيت صغير بجانب مبنى السينما المتهالك!

بيت صغير يمكن وصفه_دون أدنى إهانة_بأنه بيت مهجور بائس المنظر وقديم،نعم يبدوا أنه قديم جدا بباب من الخشب يبدوا كما لو تم إصلاحه منذ عهد قريب ونافذة بدى من منظرها أنها لا تفتح لاصيفا ولا شتاء!

كان الطلاء أو ماتبقى منه متلاشيا يبعث في النفس الكآبة ككل بيوتات الگزرة(بيوت الصفيح)

على كل دخلت بخطى حذرة باحثا عن الأشباح التي لمحتها قبل دقائق!

غريب،إيه؟!نعم غربب أن يضيع الإنسان وقته في مطاردة الأشباح وكأن الحياة لم تعد كريمة فيما يتعلق بالمسليات المريضة لشخصي وأمثالي من مرضى الفضول!

Ballerinaحيث تعيش القصص. اكتشف الآن