one shot

62 0 2
                                    

كنتُ جالسةً في حديقَةِ منزِلي أقرَأُ إحدى الكُتب في هُدوء .. استمتِع بخلوتي الصّباحية وصوْت تقلِيب الصفحات، والمُوسيقَى الهادِئة التي استمعُ إليها ..
إلى أن شتّت قراءتي شيءٌ ما .. توقّفت الموسيقى فجْأةً، أمسكتُ بهاتفِي أتفقده لأرَى لما توقّفت المُوسيقَى لكِن لم يكُن هنَاك أيّ خطب، لَم تتوقّف الموسيقى ولكنّي لا أسمعُ شيء ..
خَلَعتُ سمّاعات الأذن خَاصتِي لكي أشّغلَ الموسيقى من الهاتف مباشَرةً محاوِلَةً أنْ أفهَمَ ما يَحدُث ..
ولَكِني لَم أكَن أستطيعُ سمَاع أيّ شيء، لا الموسيقى ولا أصواتَ العَصافيرِ ولا حَتي صوت تقليبِ الصّفحات ..
لَم أمتلك الكَثيرَ مِن الوَقتِ لِأُظهرَ أيًّ من علَاماتِ الصّدمة، فَقَد بدأتُ بسماعِ صَوتَ صفيرٍ خفيفٍ جداً عقبَهُ حلولُ الظّلامُ المفاجيء، لَقَد أختَفى ضَوءُ الشَمسِ تماماً .. نَظَرت حَولي مضَيّقَةً عينيّ باستنكارٍ وقَد بدأت أنفاسي تتعالى ..
لا أفهَمُ ما الذّي يحدُثُ هنا، إنّها حوالَيْ التاسِعَة صباحاً، نَظَرتُ للأعلَي لِأري أنّه ليَس المَساء، بِالطّبعِ هو لَيسَ كذَلِكَ ..
لقَد تراكَمتْ الغُيُومُ حَتى أخفَت كلَّ بُقعَةٍ منَ السّماءِ، هرَعتُ منَ مَنظَر السماءِ منِ فَوقي حتّى أصابتْ جَسَدي القشعَريرة كانَ منظراً فظيعاً، وكأنَ أكبرُ العواصف على وَشكِ الهبوب ..
شَعَرتُ أني على وَشكِ البكاء ..
حتّى أحسَستُ بِحَركةٍ حَولي ..
شعَرتُ أنّ أحداً ما بالقُربِ منّي، نظرتُ خَلفي فوَجدتُّ حَركةً بيْن الأشجارِ،
ثُمّ رأيْتُ شَخْصاً يَخرجُ ببُطىءٍ مِن بينِها ولا يَبدو على هَيئتهِ السرورُ أبداً ..
أبتلعتُ ريقي بصعوبةٍ وقد بدأتْ بعضٌ مِن قطَراتِ العرقِ تظهرُ على جَبيني ..
مؤَكّدٌ هذِه نِهايتي ..
راقَبتُ ذاكَ الشّخصُ وهوَ يتوّجّهُ نَاحيتِي ببُطيء حتّى أصبَحَ أماميَ مباشرةً، كَانَ يَنظُر إلى عيناي مباشرةً، لَم تكنْ عيناه عاديةً كباقي البشر، كانتْ عَميقةً ومخيفةً إلى حدٍ كبير ..
لَم أستطع منع نَفسي من النّظر إليه أنَا الأُخرى، رغمَ ما كُنتُ أشعرُ بِه من رُعبٍ ولكّن تِلك النّظرة، نظرتهُ المخيفةُ جَعلتني أجبَرُ على التَحديقِ في عَينيه ..
كُنتُ على وَشَك البُكاءِ بالفُعلِ ولكنّي تماسكتُ إلى حدٍ ما ..
بدأتُ أستجمِعُ ما بِي من شجَاعةٍ لأنطِقَ بأيّ شيءٍ بعدَما شعرتُ أنهُ لَن يَودّ البدءَ بالحَدِيث ..
- "عذراً، هَل تعرفنِي؟ .. أو تَعرفُ حَتى ما الذّي يحدثُ هنا؟ مِنَ المُفتَرضِ أنّ يملأَ ضوءُ الشمسِ المكانَ فِي هذا الوقت .. لما الظلامُ حالِك؟"
- "نَبرتُكِ ثابِتةٌ مقارنةً بما تشعرِين بهِ من خوف، لَيسَ مِنَ المفترضِ أن تتحدثي للغرباءِ بتِلكَ الجرأةِ يا فتاة .. وخُصوصاً أنا"
زادَ خوفي بَعد ردّه السريعُ والمخيفُ هذا .. لكّني تظَاهرتُ بعدَمِ الخوفِ تماماً
- "ولِم لا؟ أتُظنّ حقاً أنني خائفةٌ منكَ؟"
- "نعم .. فعَليكي ذلكَ"
بعدَ ما قَال رأيتُ عينيهِ تتحوّلان إِلى اللون الأحمِرِ المخملي .. وقامِ بإمساكِ يدي بسرعةٍ فبطبّع رأيتُ يده، كانتْ مرعِبةً يا إلهي .. بيضاءٌ شاحبة وتزينها عروقهُ البارزةُ مَع تِلكَ الأظَافرِ الطَويلةِ كأظافر السّاحرات ..
أمسكَ بيدي بِقوةٍ .. نَظَرتُ إلى وجهه فوجدتُه قَد أصبَحَ شاحباً مخيفاً تماماً مِثلَ يده، التفت يجرّني ورائه وهو يمسكُ يدي بقوةٍ شديدةٍ حتّى شعرتُ بأظافره تختَرقُ جِلدي ..
وجدتُ نَفسي مُلقاةً وسطَ أشجارٍ كَبيرةٍ وحدي، وذاكَ الشّخصُ قد أختفى تماماً ..
ثُمّ رأيتُ كائناتٍ متوحشةً تخرجُ من بينِ الأشجارِ متجهةً نحوي مباشرةً،
نعم واضحٌ أنّني سأصبحُ عشاءً لأحدٍ ما اللّيلة،
كان فكّهَا يتحرّكُ كأنها تُصدرُ أصواتاً ولكنّي لم أسمع أي شيء، لم أسمع سوي صوتِ ذلكَ الشّخصِ يهمسُ بجوارِ أُذُني..
- " لَم يَكن عليكي التّحدثّ إلى الغرباء " ..
آخر ما رأيتُ كان ابتسامته الجانبيّة التّي تظهرُ عليها السخرية، بعدها مباشرةً فتحتُ عينايَ لأستيقنَ أنه لَم يَكن سوي حُلمٍ لعين ..
..
استيقَذتُ أمسَحُ وجهِيَ بِخفةٍ وأنا أتنفّسُ بقوةٍ إثرَ ذلكِ الحَلمُ المزعِج .. نَهضتُ من على السّريرِ لأقومَ بروتيني اليوْمي كأيّ صباح .. لَم يشغَل هذا الكابوسُ باليَ كثيراً، فَلم يكنْ أولّ الكوابيس التّي تطاردني بشدةٍ هذهِ الأيام .. أكثَرُ ما يُخيفُني أنها تكونُ واقعيّةً أكثَر من اللّازم .. حتّى أنني لازلت أشعرُ بأثرِ قبضَة هذا الشّخصِ على يدي ..آه يا إلهي هذا مخيفٌ حقاً .. أحياناً أقاومُ النّومَ خوفاً من تلكَ الكوابيس ..
..

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Jun 05, 2019 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

اِبتَـسِمـي ~Where stories live. Discover now