.
.
.
.
.
أتعلم يا صديقي ما هي أكبر مخاوفي؟أخاف أن أكبر هنا.
أخاف من الحصول على وظيفة. من الزواج او تكوين صداقات حقيقية، أخاف أن تنمو لي جذور هنا.
قد تمنح الجذور الأشجار الاستقرارية والنمو، ولكنها بالنسبة لي تمنع الاشجار من التحليق مثل الطيور، فما الشجرة الى محاولة تحليق فاشلة.
لا أريد أن أكون شجرة، لا أريد أن اولد وأموت في نفس البقعة، لا أريد أن أستمد إستمراريتي من أرضي، من خلال جذوري، لا أريد أن أموت بدون جذوري ولا أريد أن أعيش بها.
الإنتماء ثقيل يا صديقي، ثقيل جدا.
معظم الناس يولد ويموت دون أن يعي هذه الحقيقة، ينظر الى العصافير من الشاشات والنوافذ ويترك لهم حرية العيش بدلا عنه، وإن أراد الذهاب الى مكان ما، لا ينسى أن يحمل حفنة ترابه معه.
أنا لست شجرة يا صديقي، أنا عصفور لم يتعلم كيف يطير. أنا عصفور متعب بسبب الانتماء، مثقل بالذنب بسبب الحب، حاولوا إقناعي بالانتماء لجذوري ولكنها تبدو كسلاسل بالنسبة لي.
أريد أن أحلق. أنا لم أولد من أجل هذا، يمكن لإلهكم أن يكرهني كما يشاء، لقد تعبت من الشعور بالذنب فقط لانني أنا. لقد قايض الناس حولي الحياة من اجل جنة وهمية، يمكنكم أن تحصلو على الجنة، ولكن، اتركو لي الحياة، أتركو لي العذاب، لا أريد الراحة، انا اخاف من الاستقرار، أختنق من الحب. عبائة الدين ليست على مقاسي، أنها ضيقة جدا، مع أنني أشعر بالفراغ واللاجدوى عندما أرتديها.
سئمت من رياضيات الأوهام، سئمت من حساب الحسنات، سئمت من تجميع قصور وهزائم ومرابح وهمية، سئمت من الخوف من الموت، سئمت من شعوري بالذنب وظني بأنني أستحق العذاب، لماذا؟ لقد تعددت الاسباب، والسجن واحد. سئمت من إيمان ساذج بأني مميزة أستحق الثناء، لم؟ بسبب عامل الصدفة، أهنالك حقا أي سبب آخر؟
أريد أن أرى الكون كما هو حقا، وليس كما يبدو، أريد أن أشعر بانعدام الجاذبية، وأطفو كغيمة قطنية في الفراغ، أريد أن أعرف، لا أن أؤمن، أريد أن أعرف كيف، فليس هنالك من لماذا، الكون لم يخلق مع أسباب، نحن من أخترعنا الأسباب بدافع الخوف، الكتب السماوية الأرضية لا تقول لك لماذا يا صديقي، عليك انت أن تخلق أسبابك، أن ترى الضوء في كل هذا العدم، أنه في داخلك، إستفد منه. أهرب منهم يا صديقي! أهرب، فهم على وشك إغتصاب كيانك، بيئتك ستحولك الى نسخة مقلدة، لا تسمح لبيئتك أن تخلقك.
لا تخف من الأسئلة، فبدون الشك والكفر بالموروثات لم تكن البشرية لتصل الى أي مكان، أنت وأنا نتيجة أسئلة، نتيجة الشك، نتيجة الخوف من الموت الحتمي والانقراض، بدون ذلك الخوف اليائس لم نكن لنوجد، بدون النظر الى النجوم لم نكن لنعيش.
أنت غير مهم يا صديقي، لا أحد يتجسس عليك في السماء، صدقني لا أحد يكترث! عش كما تريد، بدون أقنعة، بدون خجل، لا تخجل من كونك أنت، حياتك ملكك أيها العصفور، طر، وحتى أن سقطت فليكن سقوطك جميلا، الم يسقط الانسان الاول من السماء؟ خلقت الحياة من أجل السقوط، خلقت الحياة من أجل الضحك، من أجل الركض من أجل الدوار من أجل شهقة المرتفعات وذهول العلم ونشوة الفن وفراشات الحب، ولم تخلق من أجل الجلوس والعد، لم تخلق من أجل مشاهدة التلفاز، لم تخلق من أجل النفاق لم تخلق من أجل السواد، لم تخلق لكي تغمض عينيك وتخاف الأسئلة. لم تخلق لكي تخجل من جسدك وتنفصل عن ذاتك، لم تخلق لأجل الولاء، فالولاء يا صديقي هو انعدام الوعي.