°°°
عندما خَطَت أقدامنا بداخل ذلك الفُندقِ المهجور، في ليلةٍ شتويةٍ عاصفة، لم نكن نعلم أن نهاية تراجيدية لهذه المغامرة تَتَربصُ بنا، أربعة شبان وفتاتان، أصدقاء جمعهم حبُهم للتسلق، وسيجمعهم لاحقًا خطر الموت نفسه.صفر أندرو بإعجاب ما إن رأى ديكور الفندق الفخم، الثريات الكريستاليَّة والجدران المغلفة بخشب القِيقَبْ.
"ياله من مكانٍ فخم للإختباء من العاصفة!"
دورت كاث عينيها وهي تنفض سُترتها، ناعتةً إياه: "بالأحمق السطحي."
شعلة البدأ لإحدى شجاراتهما الطفولية، اقترب منيّ كايل وهو يفرك يديه وينفث فيهما لتدفئةِ نفسه.
"ينتابني شعورٌ غريب تجاه هذا المكان." قال بنبرته الفاترة، الخاليَّة من الحياة، لكنيّ كنتُ أعرف كايل جيدًا، نبرته متذبذبة بالقلق.
"أوافقك الرأي." قلتُ، واضعًا حقيبة الظهر الضخمة أسفل قدماي وأنا أطالع المكان من حولي بريِّبة: "الهواء هُنا-"
"خانق."أكمل عنيّ مراد وقد خلع قلنسوته، نافضًا الثلوج عن شعره شديد السّواد كالغربان.
"لكن العاصفة في الخارج لا ترحم، لذا تعايشوا مع هذا الهواء العطن." عَلَقت مايا ببرود، جالسةً القرفصاء، تَهّمُ بإدخال أدوات التزلج لحقيبتها.
تبادلنا نظرةً فيما بعضنا وما كان منّا إلا الاستسلام لهذا الواقع، أخرجنا أكياس النوم المحشوة وتشرنقنا بداخلها مغلقين السحابات وقد شكلنا دائرةً حول حقائبنا.
ما لم يكن متوقعًا هو ما حدث بعدها، كنَّا كالمنومين مغنطسيَّا، بدأ السحر بكاثرين التي قالت فجأة: "لقد قتلتُ شخصًا."
ساد صمتٌ يسمع له المسمار لو سقط أرضًا، لم يضحك أحد، ربما لأننا علمنا يقينًا بأنها لا تمزح،
اعترفت كاث بأنها في المرحلة الثانوية كانت تُضايّق إحدى الفتيات لأن حبيبها خانها معها حتى قادتها للإكتئاب...ثم الإنتحار.سمعنا زفرة حارة، عقبها قول أندرو: "لقد لفَقتُ لزوجة أبي تُهمة كاذبة وتسببت في طلاقهما، طعنتُ في سمعتها، ولم تتمكن بعدها من الزواج مرةً أخرى أبدًا."
كان اعترافًا آخر تقشعر له الأبدان، لكن لا أحد علق.
"لقد زورت شهادتي لدخول الجامعة." نطق أخر شخصٍ توقعته بهذه العبارة، مُزلزلًا دواخلي. كايل!
"اصطدمت بمراهقٍ وأنا أقود سيارتي ليلًا، كُنت ثملة، وهربت."
تجمّدت الدماء في عروقي حين سمعت لكنة مايا المميزة تنطق بهذه الكلمات! مايا التي تبدو دائمًا بغايَّة الهدوء والوداعة! رباه!
مُبتلعًا غصة مسننة، كان حلقي كلوحٍ خشبيٍ قديم، أنفاسي مرتجفة، خائفٌ من سماع الاعتراف التالي.
"فادي لم ينزلق من حافة الجبل في حادثٍ مؤسف، دفعته أنا خطأً فزلت قدمه."
قال مراد بهمسٍ، فشعرتُ بنصل سكينٍ بارد يشطر قلبي إلى نصفين وترقرقت عيناي بغلالة من الدموع غير مصدقٍ لما أسمعه!
مُراد. قتل. فادي. خطأً!
اكتملت الدائِرة وحان دوري، شعرت بالغثيان، غشت بصري أضواء متداخلة وقويَّة، همساتٌ تَطِنُ بأذني بصوتٍ أكثر برودًا من الثلج.
اعترف...
ظلت تناجيني بإلحاح.
لكن لا شيء خرج من فمي، سقطنا بعدها في نومٍ طويل وحين استيقظنا صباح اليوم التالي، كان هناك إتفاق مُبرمٌ بين الأعين. لن يتحدث أحدٌ عن ليلة الأمس.هكذا كان يجب أن تجري الأمور، ولكن ها أنا ذا أقف أمام قبرٍ آخر، بين يداي باقة أوركيد ناصعة البياض كعيني اللتيّن صارتا خاويتيّن إثر دفن صديقين لي خلال شهرٍ لعينٍ واحد. مايا ومراد.
لم يكن حادثًا.
لقد قُتِلا، ومما لا شك به أن كل ما يحدث الآن هو بسبب ليلة الإعترافات المشؤومة تلك!
فرقتنا الفجائِع، ووقف كل منا ينظر للآخر بشك، بخوف، فكرة واحدة نَفِذت إلى دواخلي كالضبابِ الأسود، لتتفشى بصدري متسببةً في إنقباضه بعنف.بيننا قاتل، ولن يتوقف حتى تنتهي الدائرة!
تمَّت
***
One shot: 500 words.
أنت تقرأ
أكثر برودًا من الثلج
Truyện Ngắnعاصفة ثلجيَّة، فندقٌ مهجورٌ ومجموعة من الأسرار طي الكتمان...وصفة الدمار لمآساة توشك أن تحدث! - مشاركة قصيرة في ربيع تشرين. °°° - 2018