إلهام تعمل كمضيفة جوية، في إحدى الرحلات شعر الطيار بعطل مفاجيء، فهبط في أول مطار قابله، أخبر المسافرين وطاقم العمل معه أنه لن يتم التحرك قبل عدة ساعات إلى أن ترسل الشركة طائرة أخرى تكمل الرحلة.
استأذنت إلهام من قائدها أن تتنزه قليلًا فأذن لها على ألاتتأخر وتفتح التتبع الخاص بهاتفها المحمول،
وبالفعل خرجت إلهام من المطار وكانت مترجلة بين الشوارع.في بداية الأمر كانت منبهرة بتوحيد تصميم وألوان المباني والشوارع، لكن بعد مرور بعض الوقت بدأت تشعر بالملل فجميع المباني بلا إستثناء نفس الهيئة تمامًا!
شكل الشوارع والمحلات هو هو نفسه حتى أن السلع التي تباع نفسها، نفس السيارات تسير نفس اللون، نفس الموديل!
ظلت تتسآل بداخلها ماتلك البلدة التي يعيشون في نفس البيوت، يأكلون نفس الأكل، يرتدون نفس الملبس! فمحلات الملابس لاتعرض سوى نوعين من الملابس حريمي ورجالي، فجميع النساء ترتدي نفس الزي وكذلك الرجال! بنفس قصة الشعر كأنهم شخص واحد يتكرر! بالطبع بدا من مظهرها أنها غريبة عن هذه البلدة فالجميع يتفحصها مثلما تكون كائن غريب.
ظلت تسير من هنا إلى هناك فهي لاتشعر أنها قطعت مسافة طويلة من تشابه الطرق كأنها لازالت في نفس المكان.
حتى وجدت نفسها أمام حديقة للتنزه فدخلت فيها لتستريح وربما تجد شيئًا مختلفًا؛ فمعروف عن الأطفال عدم خضوعهم للقواعد ويتعاملون بتلقائية لكن هيهات!
لقد وجدت الأطفال أنفسهم على وتيرة واحدة الأولاد يقودون الدراجات بنفس الهيئة، الملابس، قصة الشعر، أما البنات تلعب نط الحبل، أيضًا بنفس الهيئة، تسريحة الشعر والأهالي تجلس تنظر إلى أطفالهم.
كان ذلك قمة الإستفزاز لديها ودفعها فضولها للتحدث معهم، وبعض فترة من المحاولات؛ كان الناس يرفضون الحديث معها.
وأخيرًا وجدت من يتقبل كلامها، بدأت تتسآل كيف يعيشون هكذا متشابهين على وتيرة واحدة بلا تنوع في أي شيء ولا حتى في التفاصيل الحياتية! لماذا لا يكون هناك تنوع في الأذواق والأفكار حتى من أجل أن يتعامل الأفراد معًا، أن تظهر علاقات إجتماعية وتعاون! فما الذي يدفع فرد للتعرف على غيره وهو يعلم أنه مثله تمامًا في كل شيء!
فأخبروها أن ذلك نظام الحاكم، فهو يرى أن في ذلك عدلًا بأن يكون الناس جميعًا سواسية فلا ينظر أحدهم للآخر ويقنع بما لديه.
فردت بأن ذلك لا علاقة له بالعدل، فالإختلاف بين البشر يجعل الناس تتعرف على بعضها البعض وكل فرد يكمل الآخر.
فمن أين يأتي التطور والإبتكار إلا من التنوع فتظهر أفكار أو تتطور أفكار كانت موجودة بالفعل، فأصل التطور والإبتكار هو شعور الإنسان بحاجته لشيء ما أو معاناته من شيء ما فيبدأ بابتكار الجديد، وكيف له أن يعرف ذلك بدون إحتكاكه مع بشر آخرين والسماح له أصلًا لإحداث هذا النوع البنّاء من التغيير!
فالله خلق كل شيء متنوع لأن لكل كائن وظيفة في هذا الكون العملاق يكملها غيره بشيء آخر عنده أو شيء آخر يفعله ولو كان العدل في عدم التنوع لكان الوجود كله عبارة عن كائن واحد متكرر وسبحانه هو العدل ذاته!
بالطبع لم يعجب كلامها الكثير بل بدؤا في مهاجمتها،
تدخّل أحدهم، بدا عليه نوع من الحكمة، نصحها بالإنصراف فورًا، فلا فائدة لقولها، ولو ذاع سيطها للحاكم لأمر بالقبض عليها لأنها بذلك تثير الناس ضده.طلبت منه أن يدلها على طريق العودة إلى المطار فأرشدها الرجل وانصرفت بالفعل، حامدة الله على نعمة التنوع.
NehalAbdElWahed
أنت تقرأ
(عالم بلا تنوع !!!!!!!) By:NoonaAbdElWahed
Short Storyقصة قصيرة من فصل واحد الفائزة في مسابقة ربيع تشرين 2018 لو قابلت عالم غير متنوع فماذا يبدو الناس ؟؟؟؟ كيف يعمل المجتمع ؟؟؟ كيف يتخذ قرارته ؟؟؟؟ November 2018