|لو تعلمين|

664 78 119
                                    

《فقط أحضري لي قطعة من عرقه وسأجعله خاتماً في إصبعك بقدرة قادر》

هكذا أخبرتها "أم بركات" الليلة الماضية، العجوز الوحيدة المقعدة، أقدم نساء الحي الشعبي وبركته كما يناديها الجميع، لا أحد يعرف من ينفق عليها وعلى ذاك المنزل الكبير، أو كيف تصدر منه كل تلك الضوضاء ليلاً رغم خواءه من ساكن عداها، وكذا من يصنع كميات الكحك فردوسي النكهة الذي توزعه على السكان في كل مناسبة!

ما يعلمونه فقط كيف تلجأ إليها النسوة من كل حدب وصوب طلباً للمعونة، تارة بالمال، وتارة بسحر هداية "أبو العيال".

إنها سيدة مباركة على أي حال، لا تطلب سوى قطعة مبللة بعرق الزوج وستهديه لزوجته بقدرة قادر مهما كان قاسياً، بارداً، بخيلاً أو زير نساء، المهم فقط أن يكون لديها زوج سيئ وتحضر لها قطعة من عرقه.

لهذا على الأرجح لم تخف "حنين" تهديدات زوجها بعلقةٍ ساخنة يطعمها لجسدها الذي أصابته التخمة من كثرة الكدمات بالفعل إن هي أصرت على الخروج دون استئذان، فوعود "أم بركات" ظلت ترن بعقلها  حتى غطت على صوت مخاوفها تماماً.

《بركة أنت والله يا "أم بركات"》

أسرت "حنين" إلى نفسها وسط زغاريد الفرحة بينما تتأمل كفي "صابر" وهما ترفعان طرحة ثوب زفافهما البيضاء عن وجهها.

كيف لا وقد رحلت الغمة التي جثمت على صدرها لسنين في حادث مرور مخلفة جبلاً من الثروة وحباً جديدا يلوح في الأفق!

خمسة شهور مرت منذ  وفاة زوجها السابق في حادث سير أثناء عودتها بعد تسليم قطعة العرق لأم بركات، وما إن انتهت عدتها حتى قطفها الجار الولهان بعشقها سراً لسنين عن شجرة عذابه المحرمة لتصير حلاله، وشتان ما بين الأبيضين الذان مرا عليها في ذات التاريخ، أولهما نهاية حياة مُعذبها السادي، وثانيهما بداية حياتها هي بعرسها على مُنقذها الحليم بفضل "أم بركات"، أو هكذا ظنت...

فقط لو تعلمين يا "حنين" أن زوجكِ مات قبل أن يمسه سحر "أم بركات"، ربما ما كنتِ يأستي من رحمة الله بتلك الطريقة وضللتِ معها السبيل على طريق السحر والشعوذات!

على كلٍ ليست مشكلة؛ باب التوبة مفتوح وكرم  الله ورحمته أوسع من أرضه... الأرض التي ضاقت بسحر "أم بركات" الذي ظل يحوم في الأرجاء بحثاً عن زوجكِ حتى تبدل لعنة غضبٍ سوداء، وبما أنه لا يستطيع العودة إلى سيدته قبل أن ينهي مهمته، قرر أن يعود إليكِ أنت الليلة يا مبتدى صراعه ومنتهى عذابه. وهو الآن ينتظركِ على فراش الزوجية الجديد كما انتظرتِ عودة زوجكِ تلك الليلة المشئومة يا "حنين".

-تمت-

🎉 لقد انتهيت من قراءة لو تعلمين 🎉
لو تعلمينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن