الشعلة الأولى

395 52 50
                                    

تلطخت قطع السحاب المُتفرقة بِلونٍ وردي محبب للسماوات أثناء لحظة وداع للشمس الواهنة، لتترك وهجها الأخير لمن ضلّ السبيل، في ثنايا السماوات المُتناثرة. حينها فقط دبت الحياة بِالمشهدِ الآخّاذ بين وريقات حديقة الربيع السرية؛ كائناتٌ صغيرة الحجم تقفز بين الشجيرات وأخرى ترفرف تاركةً أثرًا ربيعيًّا وجِرسا، بعدها لم يمض من الثوينيات الكثير حتى اجتمعوا في شرفةٍ عالية للصّرح المُطلّ على الحديقة، ليتقدمهم أحد الأقزام إثر ذاك ويدخل الغرفة بهدوء هُناك! وفي المنتصف؛ حيث ترك السيد مبدع كتبه وأوراقه، أخذت إحدى الجنيات القلم وراحت تراقصه على مسرحٍ من الأوراق النابضة بالألوان، بينما القزم ذاته اتجه نحو السيد مبدع لإيقاظه من هذا السبات المبكر. لكن ولأنّ اللّيل يُحب المفاجئات، اتخذ كل الحاضرين في الغرفة مهربًا قبل أن يُضيء السيد مُبدع حدقتاه، التي انجذبتا فور ذاك نحو مكتبه الصغير الذي كان قد رُتّب بطريقة غريبة. لكن ما سمح لأطياف الاستفهام والتعجب بتلبسه هي تلك الورقة الموضوعة بعشوائية بين دفتي كتابه.

أخذ السيد مبدع ينظر الورقة بعد أن صارت بين يديه وهو يقرأ باستغرابٍ واضح "لقد وصلنا النبأ اليقين، من حكايا الشجر  وهمسات الورد الحزين، عن أفكارٍ محبوسة، وأخرى ملبوسة؛ فإن كنت مستعدًا لدخول دنيا الأفكار إليك باختصار: ابحث  بين الأوراق عن ما قد تلبسه الاحمرار"

استقر شبحٌ للحيرة في وجده، فلم تظهر على محياه أي من علامات الاستيعاب! حتى لاحظ ظهور عدد من الوريقات المطوية والمتناثرة في الأرجاء، راح يجول بعينيه راقصًا بين الألوان، حتى استقر ناظره على تلك الورقة التي سرقت من الياقوت لونها الأحمر؛ ليتقدم ويرفعها فور ذاك ويرتل ما قد جاء فيها بمزيدٍ من الفضول الوهَّاج:

"يحكى أنَّ الأشجار هي مخدع الأسرار، وأنه عند وداع الشمس للسماء، تبدأ النجوم أحاديث المساء وهناك أيضًا من يقول: أن للإبداع أصول، وأن شجرة الفصول، قد أقامت حلفًا للوصول... من جنيات، أقزام، وما تبعهم من كائنات، ويحكى أن هذا الحلف يلقي السمع وينصت لهمسات النجم والشجر بإمعان، فيهدي الحيارى ويرد التائهين. حال كانت هذه القصة مألوفة أو حتى غير معروفة، جد الورقة اللازوردية لِتُحَل هٰذي الأُحجية"

رفع لؤلؤتيه للنافذة وطرد الكثير من الزفرات التائهة، فقد أخذت التساؤلات تصول وتجول في عقله الذي ظل يتزاحم بالأفكار تباعا، حتى عزم على فتح الورقة الزرقاء التي اشتعلت بلون اللازورد، ثم أخذ يلتهم الكلمات تتاليا: "إنه من من الحلف الأخضر وإنه بآيات الكون الكبير؛ ولأنّ الأشجار لم تملك الوقت دومًا للبوح بالكثير، فقد كان لابد من صراط لكل من احتاج لاستنباط، لذا جاء الفريق الأخضر ليكون المنبر وحلقة الوصل بين الأيادي الخفية وكل من له في الفكر والإبداع قضية؛ وقد وضعت الإستمارة للإستعانة، وفيها كُتب أنه عليك أيها المبدع اللجوء للشجرة العجوز في نهاية الغابة الكثيفة، وأسفل إحدى الأوراق القديمة، التي تظل خضراء كل تلك الفترة؛ ستجد حلقة الوصل! عندئذ سيتحتم عليك الغوص في الفكرة وتدوين اللحظة، فستبدأ باسمك وبالاسم نعني مُعرف حلقة الوصل بيننا والذي فُرض علينا فيه أن نستخدم لغة ماوراء الشاطئ في الطرف المقابل(مثال:@username) ثم بعد ذاك ستنتقل تلقائيًا لكتابة الفكرة بإسهاب واتباع كل ما يقال بتمعن وتركيز، وحينما تنتهي ستختفي الورقة فُجائيًا؛ لا تبتأس! فذلك يعني أن الأشجار تتناقل الأخبار، وأن ثُلة من الأقزام ستنتشل الرسالة، تعقد اجتماعًا ثم ترسل من يرشدك ويحل مشكلك).

المبدعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن