وهي منذعامين،كنُت قد بلغت الّتاسعة عشرة،وكان العام الذي أعلنُت فيه تمردي أمام مرأى من الحياة. أذكر ذلك "النايف "ذا الوقار
الُمبهج المكسو بالدهاء .أذكر ملامحه المرسومة بإتقان ،رائحة عودِه الأخاذة ،ذقنُه شديدَة الاستدارة، حاجبيه السميكين ،وشعرُه الأسود الذي تسابقْت إليه القليل من الشيبِة باكراً ! عهدته ذلك الشاب الغريب الذي طلب الحّب معي منٍذ الوهلة الأولى، اقترب مّني يومها ودون أن
أدري من هو، وقال بلهجة خليجية ساحرة: - "رقم الوالدة الله يسلمج. " وجدته يبحث عن بابي لكي يدخله ومعه ورود بيضاء ،وأخرى حمراُء داكنة! تفاجئُت جداً لمطلبه ذاك إذ إ ّنها سابقة. سألتُه كمن لا تعرف: - الوالدة؟ لَِم؟؟ فأجابني باس ًما: -"بنِتها دّوختني!!" لم أدر ما الذي فعلُتُه كي يدوخ، ابتسمُت لُه في حياء، ولم أنبس بكلمة، شيء مّا بدا خلي أحَّب عفوية اللقاء وبراءة اللحِظة ،ولم أشعر بنفسي إّلا وأناأمليه رقم أّمي في الإسكندرية ،ولا أدري لَم أعطيته رقمها .كان من المفترض أن أعطيِه رقَم جّدتي الوصّية الأولى علّي آنذاك،لكَّن تمّردي لم يسمح بذلك!أعطيتُه رقَم أّمي التي كانتُ تحّضرلحفِل خطبتها لأدهم سمير، أحد كبار رجال الأعمال في الإسكندرية!أردُت وبشّدة أن أرى رَد فعلها حين يطلب أحد الرجال الزواج من
ابنتها وهي غارقة في تحضيرات زواجها الخاص.كانت مسألًة تتعّلق
بالأحقّية في الزواج دون أن أرغب بهُ فعلًّيا. أردتها أن تستيقظ وترعاني ولو متأّخًراً .رأيت في نايف سلاًحا أفاجُئ به أّمي عّلها تعوُد لي منًفى أستظّل بظّله .عدُت حينها إلى المنزل ومعي أفكاري الجهّنمّية ،سألتني جّدتي وقد وَضعْت جهاز"الريموت كنترول"جانًبا وقد أخَفضْت
صوتُه كلياً . قالت: "خير يا طير؟ ما سّْر هذه الابتسامة الجميلة يا ملاك؟ "
ملاك.. الاسم الذي أحّبْت أن تناديني به جدتي، أجُبتها مستاءة: - رنا.. اسمي رنا!
فأجابْتِ بنبرةٍ أعلى وكأّنها توبخني و ّدياً :-اسُمك رنا على الأوراق فقط ،أّما عندي،فاسمك ملاك شئت ذلك أم أبيِت! هيا أخبريني، ما سُر هذه الابتسامة ولا تتهربي من سؤالي! أجبُت بلؤٍم ملحوظ: - لا، لن أخبركِ . احزري أنتِ ! فقالت بسرعة:
- " إيه َ جالك عريس؟ " وَضحكت الجّدة. ًّ أجبُت باستياء وأنا أضرُب كفاً بكف:
-ياالله !كم أكرُه العصفورالذي يخبرِك كَّل شيء أّوًلاً بأّول!وُرحُتُ أرِق ُص حاجبّي لها قبل أن أدخَل غرفتي،فما كان منها إّلا أن َلحقت بي بخطى متثاقلة ولكن سريعة. قالت:
- "لو ِطلع ده هزار هُعقد عليكي وهفطسك. أديني بقولك أهو! "
أجبتها ضاحكة:
- لسُت أمزح، اسمه نايف. كوتيي. وأعطيتُه رقم أّمي! وإذا بها تصيح:
- يا فرج الله ! أخيراً ستقر عيني وأرى الأبيض يغطيك. صمتت قليلاً قبل أن تصرخ:
-أعطيته رقَم أّمك ؟ لَِم استعجلِت ؟أّمك جُّد مشغولة مع أدهم وتحضيرات الزواج! اشتعلت غضباً وإذا بي أقول لها:
-مشغولة ؟حين تعرف بالأمرلن تنشغل عّني،لَم لا أنشغل أنا مع خطيبي؟ ستكون تجربة رائعة! فنهرتني بحنان: - "تجربة؟ ده جواز يا موكوسة." كم أحب مصطلحات جدتي العجيبة. انفجرت ضاحكة وأنا أردد:
- "موكوسة؟
" اقتربُت منها وهمسُت لها وأنا أضّمها بقّوة.
أنت تقرأ
كانت لك
Romanceللكاتبة حلا المطري رحلة عميقة جدا فى غيابات مشاعر الأنثى و أحاسيسها المتقلبة. - رحلة للحب من أجل الحب. رحلة لهوس العشق و اللا منطقية و اللا تعلل ولعل القيمة الكبرى التى حاولت الكاتبة ان ترسخها هو أن الحب لا يعرف للعقل و المنطق أى قياس لا يعرف قون...