*رِسالة مريض إكتئاب مُزمن، نشرها طبيبه النفسي وقائلًا؛*
*"-الإكتئابُ بُدعة،والحُزن قرار، إبتسم تنجو-*
*هكذا دائمًا كانت تُخبرني أُمي كُلما وجدت وسادتي مُبللة من فرط الدمع، تنطقها بنبرة حادة توشِك ان تُقنعُ كل بشر الأرض أن الوجعُ بُدعة،*
*البُدعة تكبر بداخِلي يا أُمي، قبل سنتين حاولتُ أن أُصلح الأمر، مضت أيامي على نحو مُبهج،"او أنني اُقنع ذاتي بذلك"، المُشكلة أنه دائمًا كان في نهاية كل يوم شيء يُخبرني أنني ادّعي الأمر، قلبي كُسر منذ اليوم الأول الذي بِه أخبرني شخصي المُفضل أنني ماكُنت كافيًا بالشكل اللازم، و يدي أفلتت من بين كفوف أكثر أصدقائي قُربًا لي، الكلماتُ تنخر وجعًا* *في صدري و اتجاوز الأمر؛*
*أذكر جيدًا أول مرة قوبل كل وُد مني بردود بارِدة كالصقيع، و من ثُم بعدها جائت كل، كل الأشياء بطريقة معاكِسة لكل توقعاتي، -هل نتوقع كل شيء ويأتي اللاشيء يارَبي،أيجوز؟ ، اذكر اليوم الذي أخبرني به شخصًا ما أنني شخص لا يُجدي نفعًا و ان كل ادعاء هذا الحزن أمرُ مضحك، -وجعُ الشفقة عشرًا يؤلمنا أكثر من وجعنا ذاتِه، كيف يُحمل كل حزننا على هذا المحمل من السُخرية؟- كُنت دائمًا أخبر ذاتي.**البدعة تكبُر يا أُمي، و الكلمة المؤلمة التي بالأمس سمعتها باتت تبكي ليلًا في صدري، أصدأت روحي، و اليدُ العبِثة التي أمسكت بقلبي عن غير قصد مِنها؛أوجعته وجعُ لا يُحتمل، و الألم يتضخم و الربتُ على الكتف ماعاد ينفع.*
*ماعادت تنفعني مُحاولاتي البائِسة، والربتُ على الكتِف، أجنحتي كُلها قُصت، و من فرطِ عجزِي لا أملك أن أُحرِك عقلة من خنصري، قلبّي يحترق، يتفحم في داخِلي، ولا يشعرُ بحرارة الوجع غيري، هل تدرك كيف يشعر المرء حينما تكون النار في جوفه و الصمت يسكُنه؟ هكذا انا"*
*الدُنيا لكم، ومكان أخر أفضل لي،*
*وداعًا."****