لا ترسلي النعجة ألى الذئب!

2.7K 61 0
                                    

أنتظرت أنيتا روسيني أنتهاء أبنتها من تناول فطورها , قبل أن تقول لها بصوت رصين هادىء :
"أعتقد..... أعتقد أنني كنت متسرعة جدا في أدانة رحلتك ألى صقلية ".
نظرت روزالبا ألى أمها بأستغراب شديد وهمّت بالأعتراض , ألا أن الوالدة عقدت جبينها وقالت :
" أسمعيني جيدا , يا أبنتي! فكرت كثيرا بهذا الموضوع , ألى درجة أنني أمضيت طوال الليل في صراع شديد مع ضميري ووجداني , للتكهن برد الفعل النهائي الذي كان سيصدر عن أبيك.... فيما لو سنحت له الفرصة الكافية لتحليل هذه المشكلة بتعقل وروية , ربما كان عليّ تشجيعه على المصالحة مع والده ... لأنني بدأت أدرك الآن أنه لو لم يكن هناك في قلبه بعض الحب نحو جدك , لما وجد تلك الصعوبة الفائقة في مسامحته , كان والدك فخورا وعزيز النفس , ولكن روابط القربى قوية جدا .... وبخاصة بين الصقليين , ولهذا السبب أشعر أن أباك ووالده كانا سيتصالحان في نهاية الأمر , فيما لو منحنا الوقت الكافي لذلك ".
أرتبكت روزالبا كثيرا نتيجة هذا الأنقلاب المفاجىء في آراء والدتها ومواقفها أتجاه موضوع بالغ الخطورة كهذا , ودفعتها الحيرة الشديدة ألى الأعتراض بلهجة تجمع بين التردد والأنفعال .
قالت لها :
" أتصور أنك... أنك مخطئة جدا يا أمي , هل نسيت أن صقلية هي أرض الثأر والأنتقام , حيث لا يسمح للصراعات بأن تموت وللكراهية بأن تخف أو تزول؟ ألا يتوارث الأبناء والأحفاد جميع الأحقاد عن الآباء والأجداد , وكأنها جزء لا يتجزأ من أرث العائلة وشرفها وعزتها ؟".
منتديات ليلاس
 " ولكنها أيضا أرض روابط الدم , والتضحية أتجاه القريب حتى بالحياة والروح , أنها الأرض التي يجرح فيها رجلان ,غير قريبين عائليا , معصميهما ليمزجا دماءهما ويقسما على أخوة الدم والأخلاص طوال عمرهما , فكيف تظنين أن شجارا بين رجل وأبنه يمكن أن يظل دون حل أو تسوية , وهما من أرض تعتبر فيها نقطة الدم أغلى من بحر صداقة؟".
" أتصور أنك قد تكونين على حق! أما أنا شخصيا , فأعتقد أنني لن أفهم هذا الشعب أطلاقا وسأعتبر أفراده بعيدين كل البعد عن الحضارة والمدنية والرقي , لا , يا أمي لن أذهب ألى صقلية , لننسى الموضوع بكامله , فأنا سعيدة جدا هنا ولست مستعدة أبدا لتعكير صفاء حياتي لأجل رجل عجوز مستبد".
على الرغم من أحتجاجاتها وأعتراضاتها وتوسلاتها المتواصلة لأيام عديدة بعد ذلك الحوار , فقد أكتشفت روزالبا أن أمها مصرة على ذهابها بعناد لم تعرف له مثيلا من قبل , ولكنها ظلّت تحاول أقناعها بتعديل رأيها ,حتى في الساعات الأخيرة التي سبقت موعد السفر , قالت لها , فيما كانت تنتظر وصول أبريل للتوجه ألى محطة السكك الحديدية :
" لن تتمكني من أدارة الفرن والمعمل بمفردك , يا أمي , وأظن.......... ".
" وعدتني عمتك كاترينا بمساعدتي يوميا , وأنت تعرفين ذلك جيدا".
أتت سيدة لشراء بعض الحلويات , فقامت روزالبا لتلبية طلبها , تنهدت السيدة روسيني التي أرهقها الجدل المستمر منذ بضعة أيام , وتضارب الأفكار المزعج في رأسها حول ما أذا كان قرارها سليما وحكيما أم لا , ولكن وقت التراجع فات , لأنه تم أبلاغ الكونت روسيني بأن حفيدتيه ستصلان ألى مطار باليرمو خلال الساعات الأربع والعشرين المقبلة...... وكان رده على البرقية فوريا ويعكس فرحا عظيما وسرورا بالغا , على أي حال , فهي لم تفكر بأمكانية ألغاء الرحلة ألا مرة واحدة ...... وذلك عندما سمعت كاترينا كافة التفاصيل من أبريل , وهرعت أليها قائلة بصوت مرتجف يعبر عن الخوف وتوتر الأعصاب:
" أنيتا , أنيتا , أخبرتني أبريل قبل لحظات أن روزالبا ستذهب معها ألى سيتا ديل مونتي , فهل هذا صحيح ؟".
هزّت السيدة روسيني رأسها أيجابا , فرمت شقيقة زوجها بيديها عاليا وكأنها أصيبت بالجنون , وقالت لها بلهجة تدل على الهلع الشديد :
" لا , لا! يجب ألا يحدث ذلك أطلاقا! لا تسمحي للبريئة بالذهاب ,  , فالأمر بالغ الخطورة".

على حد السيف - مارغريت روم - روايات عبيرالقديمةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن