الثورة الفكرية أساس الرقي بالحضارة العربية

270 14 3
                                    

في معظم مجتمعات العالم الثالث ، يعاني عامة السكان من الركود الفكري والخوف الشديد من الأفكار الأجنبية الجديدة ... بغض النظر عما إذا كانت جيدة أو سيئة ، يرفض الناس عمومًا أفكارًا جديدة ويفضلون التمسك بأي نموذج قديم من التفكير الذي يوجد بالفعل ، واعتبره الحقيقة المطلقة كاملة خالية من العيوب. يشبه الأمر تقريبًا المخدرات ، لأنك تشعر بالفعل أنك قد اكتشفت كل الحقيقة ... ومثلها تمامًا مثل المخدرات ، فستدمرك في الوقت المناسب ...
بمجرد بحثك المعمق في هذا الموضوع ستجد أن المجتمع العربي على العموم يعاني حالة من الركود الفكري جعلته يتراجع للوراء سنوات بعيدة للوراء و بقي رهينة أفكار تمتلك من العمر قرون و قرون معضمها لن يجعله من رواد الفكر و التطور في العالم ، على سبيل المثال من البلدان التي أصبحت رائدة في الفكر و التطور و أصبحت تنافس نفسها فقط في جميع الميادين سنعطي المثال الأمثل حول اليابان هذا الأرخبيل المتكون من الجزر قد أصبح بدون منازع أفضل مكان للعيش في العالم هذا الكيان الذي كان قبل زمن ليس ببعيد حبيس تقاليده و أفكاره التي جعلته معزول عن العالم لقرون كثيرة مجتمعه كان يتبع الأساطير و الخزعبلات الكثيرة التي جعلته نائما طوال مدة كبيرة لكن فقط إحتاج الأمر للشخص واحد لم يتعدى من العمر الخامس عشر سنة لكي يفجر ثورة عظيمة أوصلت بكوكب اليابان لما هو عليه اليوم ثورة " المايجي إيشن " ثورة " أو النهضة اليابانية هي ثورة هادئة أدت باليابان الحالية و قد تميزت بإنفجار طاقات اليابانيين الشيئ الذي جعلها موضوع دراسة لعلماء الإجتماع ، و قدوة لكسر القيود و من أهم الأسس التي قامت عليها هذه النهضة هي التجديد الفكري و رمي المعتقدات و الخرافات و تبني تصورات و أفكار جديدة دون تمزيق المؤسسات و التقاليد مما يعكس الواقع الحالي الذي تعيشه اليابان كمثال صغير لدول التي قررت تبني نظام يحافظ على حرية المعتقدات و الأفكار و الأهم محافظة المجتمع على أسسه و معتقداته دون المساس بها شيئ عجيب و رائع كيف خرجت هذه القوى العظمى مما كانت عليه لتصل لهذه الحالة في ظرف وجيز .
مجتمعنا العربي الذي بطريقة أو بأخرى يتجه ليصبح علمانيا بحتا إن لم أخطئ في هذا الوصف و لكن من الجانب الخاطئ  لهذا الإتجاه الأمر الذي يصيب العقول التي إستطاعت أن تنجو من الإنحطاط الفكري الذي وصل إليه العرب  ، الواقع الآن الجميع ينادي بالتحرر و ممارسة حقوقه المشروعة و غير ذلك من الأفكار التي لم يبحث عنها و لم يتعمق فيها دون محاولة منه لتبني الأسس الصحيحة لهذا الإتجاه الذي يدعي أنه يطبقه، و كمثال صغير قضية الإلحاد و ماشابه ذلك في ليلة و ضحاها يصبح المرء ملحدا فقط لكي يعيش بحرية عدم حكم المجتمع عليه يستطيع أن يكو شاذا إن أراد هو ملحد لماذا ستحكم عليه ؟ مثال صغير يعطيك الصورة الحقيقية لمجتمعنا بشكل صادم أصبحنا بدون مبادئ و على ما يبدو لا أحد يستعمل عقله هذه الأيام أو بالأحرى هم يستعملون شيئ أخر لتفكير ، لا مجال للمطالبة بالحرية في شتى المجالات إن لم يتحرر العقل أولا، التغيير الفكري الذي سيسمح بنقلنا للمرحلة القادمة لمواكبة الركب يبدأ من الأسفل على الرغم من كوننا ورشة عملاقة تحتاج لسنوات من العمل لكن إن وجدت الأرضية الملائمة منذ البداية مع إنتهاجها للأساليب الصحيحة لهذا الإتجاه سينتهي بنا الأمر بنتيجة رائعة ، التغيير الذي سينقلنا لأعلى الهرم أين تتواجد المجتمعات الفاضلة يكون أولا بالتفاني في العمل و البداية من الصفر فلكل شيئ بداية و إنطلاقتنا يجب أن تكون من هذه النقطة ، لقد فقدنا كل شيئ أصبحنا كالقطيع الهائم تتحكم بنا مجتمعات لم يكن لها وجود  عندما فجرنا حضارتنا العظيمة على مر قرون و عصور ، لقد أصبحنا أضحوكة العصر الحالي بدون منازع ، لقد إستولوا على عقولنا ، قيمنا ، تاريخنا، حضارتنا ... لقد أصبحنا في الأسفل تماما و الجميع تجاوزنا  بفوارق رهيبة ، لم نعد نستطيع إيجاد الحل للمعضلة و الإشكالية ، لقد ضاع العقل العربي في الفراغ الكوني !

المجتمع العربي Where stories live. Discover now