زوجتي_ألمانية
#قصة_قصيرة
#بقلم_محمود_زيدان
أعلنت السفارة اﻷلمانية في القاهرة عن حاجتها لوظيفة مترجم، وذلك للعمل ضمن الملحق الثقافي للسفارة في مصر.
تقدم للوظيفة نحو ألفىّ شخص، كنت أصغرهم سنا.. بحسب ما جاء في تقرير اللجنة المنظمة للمسابقة.. كانت اﻷمور تجري في شفافية تامة.عقب ثلاث جولات من الإختبارات الشاقة، والفحص والمراجعة، استطاع فقط ثلاثة من المترجمين الحصول علي الدرجات النهائية، واجتياز كافة مراحل المسابقة.
ولكن بقِيَت مرحلة أخيرة..
سؤالا واحدا ومن ثَمّ يُصبح الفائز جديرا بالإنخراط في كيان الشعب اﻷلماني.
ماهو رد فعلك، إذا تلقيت إتصالا هاتفيا أثناء مزاولة عملك ؟!
قال اﻷول: سأقول السلام عليكم.. من أنت ؟!
صمت الثاني بضع ثوان ثم قال: لن أرد، وسأواصل العمل في دقة واجتهاد.أما أنا فكنت أعرف جيدا أن هؤلاء اﻷلمان يتحرون الدقة المتناهية، حتى في المكالمات الهاتفية، فقد قرأت كثيرا عن عادات الشعب اﻷلماني، وأصبحت على دراية كاملة بطبيعة السلوك الإنساني للأفراد.
كان يُخامرني شعور دائم، بأنني سأكون مُواطِناً أَلمانيَّاً في يوم من اﻷيام.. ولهذا السبب كنت دائم الرفض لتوسلات والدتي بالزواج من ابنة الخالة القصيرة.وبمجرد أن التفت البروفيسور يورغن تجاهي قلت في حماس: بالطبع سأرد قائلا: معكم آدم أمين... مرحبا ياسيدي.. ماهي الخدمة التي تود أن أقدمها لك..؟!
تبسم الرجل في زهو وقال: أحسنت عزيزي آدم.. لا وقت لدينا للثرثرة.. نحن نتحرى الدقة في كل شيئ، ثم قام علي الفور بإمضاء خطاب تعييني، وتمنى للباقين حظا أوفر في المرة القادمة.اقترب السيد يورجن ناحيتي، وهمس في أذني قائلا بلكنة عربية ركيكة: المقابل المادي مغري إلى حد كبير في بلد كهذا.. ثلاثون ألف جنيها مطلع كل شهر.. بإمكان المال أن يَقْلب حياتك رأسا علي عقب.
من الواضح أن يورغن أصبح علي دراية تامة بهموم الشباب في مثل سني.. والحق أقول: كان الرجل صادقا في حديثه.
---
ثلاثة أعوام كاملة، كانت كفيلة بأن تُقَرّبني من جميع أفراد البعثة الدبلوماسية في السفارة، كنا نتناول إفطارنا سويا في كل صباح، عدا السفير اﻷلماني فإن له طقوسا خاصة.وما بين حين وآخر كانت تشاركنا الغداء.. الفتاة المجنونة كما يُطلق عليها دائما - ماتيلدا ستيفاني، عازفة البيانو المغمورة.. فارعة الطول ممشوقة القوام، تميل إلى النحافة شيئا قليلا، مُشرقة الوجه، زرقاء العينين، قامت بصبغ شعرها اﻷصفر بلون أسود.. تَيَمناً بالمصريات، كما احتفلت مؤخرا بعيد ميلادها الخامس والعشرين في أحد المقاهي الشعبية بالقاهرة.
تبادلنا النظرات مرة تلو أخرى، حتى نشأت بيننا علاقة وطيدة في أيام قلائل.. بعدها بشهر واحد اتفقنا علي الزواج..!!
كنت متعجلا لعقد الصفقة.. وهي أيضا...
أرادت ماتيلدا بزواجها أن تضمن البقاء في مصر، حسب رغبتها الشديدة - علمت بهذا لاحقا- أما أنا فأردت أن أغتنم الفرصة بزواجي من فتاة ألمانية، ﻷحقق حلم العمر وأصبح مُواطِناً أَلمانيَّاً..!!