244 14 3
                                    




كان ذلك الشاب يقفُ بجانب تلك المستلقية على سرير الموت وهي تعقد حاجبيها الرفيعين كنايةً عن شدة الالم الذي تعاني منه.

كان شحوبها قد بلغ درجة بياض الثلوج ، و حرارتها كانت أشبه بالموقد المشتعل.


كان يحدق بها ببرود و كأنه لا يوجد أمامُه روحٌ تصارع للنجاة ، رغم أنها أملُه الوحيد لأزالة اللعنة إلا أن النتيجة كما تبدو فاشلة ... فزفر بيأس ، ليدس يديه في جيبي معطفِه الفضي ثم ألتفت راحلاً.


كان قد مرت ثلاث أسابيع منذ أن تعرضت تلك لِلدغات السامة ، وهو كان في أوج حماسته ظانناً أنها ستستطيع  المقاومة بسهولة بسبب تهيئته لها نفسياً لهذا الأمر، إلا أنه مضى أكثر من أسبوع وهي على هذه الحال ... تصارع سم الأفعى أو بالأحرى ( سم لعنة الثعبان) ، فأحس بالأستسلام.

فهي على كل حال إذا لم تستيقظ ... ستموت بسبب إنفجار عضوٍ ما بسبب حرارة جسدها الشديدة.

———

في مكانٍ آخر

حيث تلك الفتاة تقف في وسط غابة مظلمة ، مرعبة ، مفزعة ، تثير رعب من يراها.


كانت تجول بعينيها المرتعشة بفزع وهي تصرخ مستنجدة لعل أحداً يُخرِجُها من هذا المكان:
"هل هناك أحد؟؟! أرجوكم ساعدوني!!!"

فأخذت تركض محاولتاً الخروج أو على الأقل تجد شىء ما يدُلُها لطريق الخروج ، و لكن يبدو لها العكس ... فكلما تركض لمكان تجد نفسها تعود لنقطة البداية و كأنها تدور في حلقة مغلقة.

فجثت على ركبتيها وهي تصرخ بيأس:
" أليس هناك نهاية لهذا..."


لتجلس على الأرض وهي تضم رجليها لصدرها ذارفتاً دمع الأحزان.

تتمنى أن ينتهي هذا الكابوس و تعود لوالديها..

تتمنى أن تعود لحياتها الطبيعية..

تتمنى لو لم تدخل الغابة منذ البداية..

تتمنى لو كان هذا مجرد حُلُمٍ عابر..



فصمتت للحظة وهي تحدق بأعينها المتورمة بشرود، حتى توسعت عينيها بصدمة بسبب تدفق تلك الذكريات إلى عقلها...


بدايتاً بذهابِها مع عائِلتِها إلى الرحلة و دخولها لغابة الشؤم تلك..
نهايتاً بتعرضها للدغات مئات الأفاعي.


فأصدرت "أوه" مُتذكِرةً سبب كل هذا الجحيم الذي عاشته.


ليتملكها غضبٌ شديد...


فها هو الآن يستهزء بها بكابوس آخر لكي يرعِبُها.


ولكن هيهات...


تلك الفتاة الجبانة لم تعد موجودة بعد الآن ، فهي الآن قادرة على مواجهة أيٍ كان.


فوقفت عن الأرض وهي تكز أسنانها بغيض وصرخت بغضبٍ جامح:
" أنا لم أعد بعد الآن مثل نفسي السخيفة و الجبانة و التي تخاف من الكوابيس، لذلك أوقف هذا الهراء الرخيص و أرجعني إلى الواقع المرير أيها السافل!!"


فسمعت فجأة صوت تصدُعٍ ما آتٍ من أسفلِها.. فأدنت أنظارها لترى الأرض تتصدع و تتشقق كضربة زلزال مقياسه 4 درجات وهي تتصاعد تدريجياً.


لتبتسم بأنتصار مردفة:
" أوه أنظر ... حتى أن الكوابيس لم تعد لديها مقاومة أمامي و تهابُ مواجهتي"


لتتصدع السماء و كأنها سقفٌ يكادُ يتهاوى.. و هبت رياحٌ شديدة أدت لتصدع المكان بأكمله تاركتاً بقاياه تتطاير في الهواء كشظايا زُجاجٍ مُنكسر.


فبقِيت وحيدة واقِفه في الظلام الدامس، لتجول بنظِرها حولها ببرود:
" ألم أقل أعدني للواقع، فكما تعلم أنت قلت أن هذه ليست سوى البداية.. لذلك دعني أضع نهايتاً لهذه المهزلة"

ليتبدد السواد شيئاً فشيئاً ليحل مكانه البياض، فضيقت عينيها قليلاً لشدة بياض المكان، فرمشت عدة مرات حتى أعتادت عيناها على الضوء القوي.


لتظهر لها فجأة بوابة عملاقة من العدم .. بدت كبوابات القرون الوسطى، إلا أن زهور الروز الأحمر قد أكتستها بطريقة بهية و أعطتها لمسة جذابة.


فقتربت من البوابة ببعض الحيرة، و حاولت دفعها.. إلا أن عروق الزهور قد تحركت لتلسع يديها بأشواكها الحادة منذرتاً بعدم الأقتراب و لمس البوابة، لتتراجع الفتاة بسرعة و هي تتأوه بألم.

فتناهى صوتٌ بدى كالهمس في الأرجاءِ قائِلاً:

لعنة أنتقام من قلبٍ حزين و سببه حبٌ كذاب
:
ترائى لها أنهُ حبٌ دفين

و لكنه كان قد طُعِن بخنجر الخيانة
:
فأقسمت بحقد قلبٍ حزين

أن تحول حياته إلى جحيم
:
سم الثعبان

هو ما مزجته مع دموع الأحزان
:
ليستيقظ ما كان مختومٌ عبر الزمان

لتعذبه عذاب النكران

لتفتح بعدها البوابة العملاقة و يظهر طريقٌ مظلم عبرها في نهايته نور، فتوسعت أبتسامتها.

لتركض نحو بر الأمان.
.•.

The curse of the serpent| لعنة الثعبان ②حيث تعيش القصص. اكتشف الآن