فضائل العشر الأواخر من رمضان

24 7 7
                                    

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد:

فضائل العشر الأواخر من رمضان
فهاهي عشركم -يا عباد الله- قد حضرت، وهاهو ثلث الشهر الأخير قد بدأ، وهذا موسم المتسابقين، وسوق العابدين، وفرصة المجتهدين، هذه العشر التي كان نبيكم ﷺ يشد مئزره إذا دخلت، ويعتزل النساء للعبادة؛ لأنه كان يعتكف في المسجد وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِالبقرة:187، وأحيا ليله، وأيقظ أهله، وهذا فيه اهتمام بالأهل والأولاد، وليس أن يجتهد الأب، والبقية نائمون، وإنما هو اجتهاد واستنفار عام في البيت لهذا الحدث الكبير الذي وقع، وهو دخول هذه العشر، ومن الناس من لم يدركها؛ لأن الله تعالى كتبه في الأموات.

عباد الله:

في هذه العشر فضل عظيم؛ لأن أحد لياليها هي ليلة القدر التي قال الله تعالى فيها: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ الدخان:4، فأنزل الله فيها القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا، ثم نزل بعد ذلك مفصلاً، ومنجماً، ومفرقاً بحسب الوقائع والأحداث، وقال: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِالقدر:1، فهي ليلة ذات قدر، وشرف، ومنزلة، وذات خير، وبركة، وعظمة، وذات رحمة، ومغفرة، وعتق، وقد قال ﷺ: إن هذا الشهر قد حضركم،وفيه ليلة خير من ألف شهر من حُرمها فقد حُرم الخير كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم  ، وهذه الليلة العظيمة؛ العبادة فيها أفضل من العبادة في ألف شهر، وهو عُمر إنسان مُعمَّر، أكثر من ثلاث وثمانين سنة.

فضائل ليلة القدر
فمن فضائل هذه الأمة أن الله أعطاها في كل سنة، في كل رمضان، في هذه العشر يوماً فيه ليلة العبادة فيها تفوق العبادة في ثلاث وثمانين سنة، فعندك يا عبد الله في كل ليلة قدر من كل سنة تمر بك في عمرك عبادة إنسان مُعمَّر بهذه السنوات الطويلة؛ كأنك عبدت الله في ثلاث وثمانين سنة، كل سنة من السنوات، فتأمل فضل الله على هذه الأمة، وهو سبحانه وتعالى ذو الفضل العظيم.

في هذه السنة تنقل مقادير الخلائق من الأرزاق، والآجال من اللوح المحفوظ، إلى صحف الملائكة، تفصل المقادير من اللوح المحفوظ الذي كتب الله فيه الأقدار قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وفي ليلة القدر من كل عام تفصل أقدار كل سنة من اللوح المحفوظ إلى صحف الملائكة لتقوم بإنفاذها، فترى شخصاً يمشي في الأرض وهو مكتوب في هذه السنة من الأموات.

عباد الله:

ما يقدر الله كل سنة من خير، ورزق، وصحة، ومرض، وحياة، وموت، وولد، ونحو ذلك من الأقدار كله في هذه الليلة ينقل إلى صحف الملائكة فهنيئاً لمن أصاب ليلة القدر فسأل الله خيره، وسأل الله فضله، قال الإمام النووي رحمه الله: ليلة القدر مختصة بهذه الأمة زادها الله شرفاً فلم تكن لمن قبلها، ما أدركها داع إلا وظفر، ولا سأل فيها سائل إلا أعطي، ولا استجار فيها مستجير إلا أجير.

كان السلف رحمهم الله يستحبون الإكثار من الدعاء تلك الليلة، وقال الشافعي رحمه الله: "أستحب أن يكون اجتهاده في نهارها كاجتهاده في ليلها".

منقولة للشيخ محمد صالح المنجد

اشتاق للجنةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن