Untitled Part 1

46 2 1
                                    

جلس أمجد أمام حاسوبه منذ خمس وعشرين ساعة، لم تكف أصابعه عن الطرق على أزراره بسرعة، ولم تفارق عيناه شاشته الصغيرة. تكدست أكواب الشاي وأقداح القهوة على الطاولة الصغيرة عن يمينه. طرقات قصيرة منغمة على باب غرفته تُعْلمه بقدوم رفيقه ماجد. أذن له بالدخول دون أن تحيد عيناه عن شاشته. تذمر ماجد من عدم نظافة الغرفة، ودون أي رد فعل من أمجد كان ماجد يعيد ترتيب الغرفة لتصلح لمعيشة البشر بكل هدوء، ولكن محمل بقدر كبير من السخط والضيق. ما إن انتهى ماجد حتى أمسك أمجد من كتفيه، وحمله للمقعد المقابل للطاولة حيث أعد له الفطور. كان أمجد مستسلمًا لماجد الذي يطعمه كطفل صغير لا يبذل أي مجهود سوى مضغ الطعام.

ربع ساعة وكان أمجد يغط في نوم بلا أحلام، بينما جلس ماجد يكمل ما بدأه أمجد. ارتفع حاجباه اندهاشًا مما رأى؛ يبدو أن أمجد صمَّم لعبة شطرنج غريبة. أثارت اللعبة فضول ماجد العاشق للشطرنج وصاحب المركز الأول على جامعات مصر في تلك اللعبة. ضغط على أمر الدخول ليجد دوامات من البيادق والأفيال والأحصنة تدور حول نفسها على شكل إعصار مقلوب متجهةً نحوه. التفت حوله مكونةً حصارًا لا فكاك منه، تأمره بالذهاب في الممر المكوَّن من الجنود دون إبطاء.

سار ماجد أسيرًا لفضوله مستكينًا حتى مَثُل أمام الملك ووزيره. كان الملك يجلس على عرش كرستالي، وممسكًا بصولجان ذهبي. يحمل على رأسه تاجًا ضخمًا من الذهب المزين بالأحجار الكريمة. عن يمينه وقف وزيره الصموت فارع الطول المتجهم الملامح. لم يُعِر الملك ماجد أي اهتمام؛ فقد كان يدرس مع وزيره الرد على رسالة الملك الأسود. لقد جن بالتأكيد!

ظل ماجد صامتًا لبرهة، غير أنه لم يحتمل أن تتم معاملته بهذه الطريقة، فصرخ فيهم: أين أنا أيها الأحمقان!؟

رفع الوزيره حاجبيه تعجبًا من وقاحة الأسير. بينما صرخ الملك في الحراس أن يقتلوه. تحلّق الجنود حول ماجد، الذي نظر لهم بسخرية، وبحركة واحدة أطاح بهم جميعًا، وخطا بسرعة ليمسك الملك من تلابيبه، غير أن جسمه انتفض إثر لمسة الصولجان لرأسه.

أسقطه الملك أرضًا، ثم وجَّه الصولجان لقلبه، وقبل أن يلمسه همس الوزير: مولاي، هل لي برأي؟

رفع الملك الصولجان، وأشار له أن يتحدث. قال الوزير بهدوء: أرجو منك يا مولاي الإبقاء على حياة الأسير؛ فلربما احتجنا إليه في التصدي للملك الأسود.

هز الملك رأسه بالموافقة، وعاد إلى كرسيه بعظمة وخيلاء. أشار الوزير لمجموعة من الطابيات من الحرس الملكي الكرستالي بحمل الأسير إلى سجن المملكة الكرستالية، ووضعه تحت الحراسة المشددة.

🎉 لقد انتهيت من قراءة شطرنج 🎉
شطرنجحيث تعيش القصص. اكتشف الآن