دَيانا | ابنة القَمر

حاصد الأرواح

اخذت تَخطو حافية نحو شُرفة مخدعها، تتجه نَحو ذلك الذئب الذي يُحدق ساكناً إليها دون أي نيةٍ للإنقضاض عليها وتمزيق لحمها عن عِظامها، لم تدرِ كيف استطاع التملص من اعين الحَرس والوصول للشرفة.

ولكن هالةً ما حول هذا الذئب استمرت بإجتذابها نحوه، وكأنه يختلجُ حديثاً في صدره اراد الإفصاح عنهُ ولكن ابت جوارحه. باتت اقرب من ذي قبل، ارادت لمسه والتربيت عليه، لكن قبل ان تُدركه، تبخر من امام ناظريها واختفى!

****

اقفل سِيد العجوز دكانه لبيع النبيذ المغشوش، وبالرغم من ان تجارته تُدر عليه ارباحاً طائلة، إلا انه غارقٌ في الديون بعد ان خسِر قِماراً قبل سنتين، ولم يسدد للآن نصف ديونه.

سار متجهاً نحو منزله لينعم بنومٍ هانئ بعد يومٍ حافل بالزبائن، انعطف داخِل إحدى دهاليز القرية ليتفاجئ بذلك الشخص الذي يقف مرتدياً عباءة سوداء وكماماً اسود، اما عينه اليسرى فتلمع بوهجٍ غريب. وبالرغم من كِبر سنه ورداءة نظره، إلا ان سِيد العجوز تعرف فوراً على هوية هذا الرجل الأسود المُهيب. انحنى بذلٌ وقلة حيلةٍ امامه واخذت دموعه تجري على وجنتيه.

- ارجوك ارحمني واعطف بي يا حاصد الأرواح، لدي عائلة اعيلها، زوجتي واطفالي سيتشردونَ في الطرقات من بَعدي.

لم ينطق حاصدُ الأرواح بكلمة بل اكتفى بتحريك اصبعه، بإشارةٍ صغيرةٍ منه انقلب وجه سِيد للأزرق واخذ يسعُل مِراراً، اخذت عيناهُ تنقلب للداخل شيئاً فشيئاً بينما سالت الدماء من انفه. لم تكُن سوى لحظاتٍ وإذ به جُثة هامِدة وقد فرّت روحه من جسده.

- فليرحمك الله يا سِيد، لن تُقلقك ديونك بعد الآن.

غادر حاصد الأرواح تاركاً ضحيته ملقيةً على طُرقات "ليموريا" الباردة، باحثاً عن ضحية اخرى ليقبض روحها، ووجبةً جديدةً تُشبع نفسهُ التي لا تهدأ عن طلب المزيد.
عدةُ جرائم قتلٍ في مملكة ليموريا التي عُرفت بأمنها تُهدد سلام شعبها، ولا اثر لحاصد الأرواح او حتى حقيقة هويته، كُل مايعرف انه إن ظهر امامك ليلاً، فأنت ميتٌ لا محالة.

****

سُرعان ما انتقلت الأخبار عن وجود ضحيةٍ جديدةٍ لحاصد الأرواح فور بزوغ الفجر. بينما بلاط الملك، فقد كان الخدمُ منشغلين بالإستعداد لحفل ميلاد اميرتهم ديانا التي ستبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً.

بعد اسبوع من الآن، سيتبارز اعتى المحاربين والنبلاء لنيل قلب اميرتهم التي يتغنى شعراء ليموريا بجمالها. لها شعرٌ ذهبي يُغطي خِصرها من شدة طوله، وعينان رماديةٌ مُزرقة كبدرٍ انعكس نوره على صفحةِ بحيرة. يُقال انه من شدة جَمالها كأنها خُلقت من خِصال الشمسِ ونور القمر. فضلاً عن كونها إبنة الملك آندرو حاكم اعظم امبراطورية بشرية، فقد عُرفت بحنكتها وشغفها للمعرفة، ومن يفوز بقلبها سيملك الدُنيا بين يديه.