one shot

337 17 63
                                    

قضت ما تيسر من أواخر الأربعة عشرين ربيعا الذي مرت بهم من عمرها تناضل لترى ابتسامتهم فما إن أنهت دراستها حتى قبلت أول ما عُرض عليها من عملٍ لتوفي احتياجاتهم.
من هم؟ هي لا تدري؟
ما أصلهم؟ كذلك لا تدري؟
هي شعرت بحاجتهم لها فلم تتأخر، أحبتهم وأحبوها شعرت بهم.. وبابتسامتهم أشعروها هم بالاكتفاء..
تنهي عملها يوميا لتعود لهم، متناسية قساوة العالم حين تراهم مقبلين عليها يتسابقون ليروا ماذا أحضرت لهم، باذلة قصارى جهدها فقط ليشعروا بالسعادة، وذاك ما كان يجعل منها ذات سلام داخلي، رغم صراعها المستمر في الخارج.
فماذا جنى أصحاب الكنوز بزمرداتهم وياقوتاتهم، دون ابتسامة كانوا لها منبعا؟
هي تؤمن دائما بأن سعادة المرء تكمن في إسعاد من حوله، ولو كان بكسرات من خبز.
أيتامٌ مشردين كانوا هائمين ضائعين في ثنايا حَيِّها حتى جمعتهم في منزل استئجرته، لتصبح أسرة مكونة من فتاة في ريعان الشباب وخمسة من الأطفال، ذكَران كانا وحدهم الأشقاء، وثلاثة من الإناث كانو قد فصلوا بين الشقيقين في ترتيب الأعمار، لم يجمعهم سوى أنهم قد أفاقوا على الدنيا ليجدوا نفسهم منبوذين دون ذنب ارتكبوه، فقط لأنه ذويهم مجهولين، فمنهم من غادر الحياة للأبد ، ومنهم من غادرت الحياة قلبه فتخلى عن فلذة كبده تاركا إياه فريسة للوحوش البشرية قبل وحوش البرية.

حلمها منذ نعومة أظافرها هو إيواء الجميع، ترى أن جميع الأطفال لهم الحق في الحياة الكريمة كغيرهم، لا ذنب لتلك الطفولة البريئة أن تُدس في التراب.
لطالما شعرت بالأذى عندما ترى طفلا يُساء إليه لأنه لا يجد سندا له، ربما فاق أذى الصغير نفسه.
لذا هي سعت جاهدة حتى استطاعت كفالة أيتام حيّها الخمسة، وهي تطمح أن تستطيع في المستقبل إيواء ثُلّةٍ أخرى ممن لم تكُن الحياة في صفهم ولم تعطهم سوى سوء الحظ وصناديق البقايا، وحتى قد بخلت عنهم بثيابٍ مرقعة فلم يجدوا سوى رقعٍ تسترهم.

هي تريد خيرا ولكن..
في مثل هذا الزمان صانع المعروف غريب، وأنَّى لمثل نقي القلب أن يعيش بين من يعكر صفو الابتسامة.
لذا فهي لاقت من القسوة ما لاقت ولم تعبأ في سبيل من اعتبرتهم أطفالها، وبصدر رحب هي صارعت الحياة من أجلهم..

*****
"رجاءا سيد أوك ، أمهلني أسبوعين آخرين وسأسدد مبلغ الإيجار."

ذلك الانكسار في عينيها وهي تقف أمام سيد المنزل، تفصل العتبة بين رؤوس أقدامهم قد عكس ما بداخلها وهي لا تملك حيلة، فقد صار راتبها بالكاد يكفي ضروريات الأطفال لذا قد بدأ يتراكم عليها ديون الإيجار.
وصاحَبها سوء الحظ إذْ كان مالك المنزل الذي استئجرته من ذَوِي سوء الخُلق، والقلب المتحجر لا يهمه سوى نفسه ولا يقدر ما يسمى بالظروف.

"هذا غير ممكن، أمهلتك شهرين وثلاثة عشر يوما، ولن أنتظر أكثر إن لم تُسددي المبلغ خلال الأيام الثلاث المقبلة، اتركي المنزل."

مَلْجَئِي || My Refugeحيث تعيش القصص. اكتشف الآن