أيتها المغفلة

30 2 0
                                    

- إنه مغفل، مغفل جدًا.
= معذرةً، هل تحدثينني؟
- لا، آسفة...
= حسنًا....، هل لي أن أساعدكِ؟، تبدين بغاية الإرهاق والتعبِ.
- جئت من سفرٍ والآن أنا على سفرٍ، وما بينهما كان لقاءنا المُفترض، لقاء ذلك المُتأخر عن قطاره وقطاري.
= حسنًا، ربما قد تأخر لسببٍ ما أو علةٍ، فلتعطينه ألف سبب لعل أحدهم قد يكون صحيحًا.
- .....
= من الممكن أن تتصلي به أيضًا...
- حسنًا... الأمر لا يبدو بغاية البساطة!
= كيف؟
- أنا لم أره مطلقًا!
= ماذا؟؟؟
- لم أره مطلقًا، أراسله فقط من وراء حجاب، أراسله جوابيًا.
بعث لي قبلًا جوابًا بالخطأ على عنواني يتفقد فيه أخبار أمهِ لأنها لم تعاود الإتصال به ولا يملك الوسيلة للذهاب إليها لبعد المسافات،
فَبعثت له بدوري آخرَ يقول له وددت لو كنتُ المرغوبة وأُهدئ سر قلبك، لكنني بغريبة عنك وهذا العنوان خاطئ.
= ثم؟
- ثم انقطع عني ولم يصل حبل وّده مرة أخرى، فراسلته أنا مرة أخرى (لأطمئن على والدته، هل وجدها؟، هل هي بخير؟)
ففاجئني بردٍ انكمشت خيوط جبيني لأجله وتوسعت عيناي كأنني رأيت شبحًا،
قال لي إنها قد ذهبت ولن تعود  -تقصد ماتت-،
فَبدوري قد راسلته لأطيب خاطره، كَثرت بعدها الرسائل وكُثر تعلقي، ويمكنك بعدها أن تخمن فحوى الرسائل الأخريات.
= لكن فحواها لن يصل لغاية الحب، صحيح؟
- بلى، أحببته.
= أحببتِهِ ولم تقع عيناكِ عليه، أحببتِهِ وهو بعيد؟
- البعيد القريي خيرٌ من القريب البعيد.
= وماذا عن مقولة أن البدايات زائفات بقدر جمالهن والنهايات حقائق بقدر ألمهن.
- سأجدف، فأنا غريقة بكل الأحوال، فما ضرني أن أجدف قبيل شاطئٍ يتراءي لي واتراءى له، يناديني وأناديه، أدعو وهو استجابة الله لدعاءي، ماذا إن كان هو منقذي؟
= وماذا إن كان هو غرقك؟
- أنا أصلًا غريقة، أحببته حد الغرق، فإما ينقذني بشاطئه وإما أُغرقُ قلبي بيدي قبل أن يفعلها.
= ما إسمه؟
- أ.... لا داعي لذكر إسمه، قطاري قد اقترب أصلًا، وأظن أنه لديه بالفعل ألف سببٍ لكي لا يأتي، لكنني اعتقدت أنني أكثر من ألفٍ ليأتيني هدهد قطاره بخبرٍ يقين.
لينبئني أنني بخير ولأجلي يُبذل المجهود والمسعى.
= حسنًا سلام.
* ابتعد قليلًا عنها ثم قال*
أهو أحمد؟ أم أمجد؟ أم الرائد؟
أرجح أن يكون إسمه أمجد ويكون إسم أباه مثلًا أحمد وكنيته الرائد؟
هل تخميني صحيحٌ؟
- م..مَنْ أنت؟؟؟
= أنا صاحب الخط الأعرج والياء المائلة في إسمكِ، وأنا أيضًا صاحب الذوق الموسيقي الرفيع واختيارات الكتب المُناسبة،
أنا من رحلت أمه فظن أن الرزق قد انقطع عنه، فرزقه الله خير الحبيبات وجوهر الكنايات وحلاوة القوافي والأبيات.
أنا الذي يشرب القهوة مُرّة، لكنني آثرت أن أضع ملعقةً بها لأتذكركِ،
أنا الذي يناديكي يا سُكر، أنا رجلكِ الُحر وذهاب المُر.
أنا أنتِ.
- ........
= آثرتِ السكوت؟
- ق.. ق.. قميصك يبدو مهذبًا وجميلًا.
= لن أقول لكِ كم تبدين جميلةً حتى يطمئن قلبي من أمرٍ ما.
- ما هو أمرك؟
= أريدُ أن أراها.
- مَنْ؟
= تلك التي أتيتُ لرؤيتها.
- هي هنا.
= لا أقصدكِ أنتِ، أنا أراكِ دائمًا، بل أقصد الآن مَن ستؤخذ كلمتها في أمر زواجك. - يقصد أمها لأن أباها مُتوفى-
- زواجي أنا؟؟ مِنْ مَنْ؟
= قوديني إلى بيتكِ(أيتها المغفلة).
- .......

#إسلام_منصور

خواطر اسلام منصور حيث تعيش القصص. اكتشف الآن