في المحطة

675 35 22
                                    

وأخيرا توقفت الحافلة في المحطة الطرقية ، وهنأ مساعد السائق المسافرين على سلامتهم.  كانت سعاد تشعر بتعب ودوار شديدين ،فالرحلة كانت طويلة وزادتها صعوبة شمس غشت اللاهبة . نزلت من الحافلة الهوينى واتجهت رأسا نحو أحد المحلات لبيع الأكلات الخفيفة ، تناولت بيضا مقليا وكوبا من الشاي بالنعناع ؛ شعرت ببعض التحسن وإن كان الصداع يراودها من حين لآخر ..أخرجت سعاد هاتفها من حقيبتها اليدوية ..ركبت الارقام ..الهاتف يرن لكن لا أحد يجيب ..شعرت بالقلق وغرقت في الصمت والتأمل وكأنها تنتظر شيئا لا تعرفه ، وكان في هذا السكون  خوف وغموض  قاتلان .. أعادت  الاتصال مرة أخرى ، الهاتف يرن و لكن .. تزايدت دقات قلبها ، وتصفد جبينها عرقا ..
- يا إلهي ،ماعساي افعل ؟إلى أين أتجه ؟ إني لا أعرف أحدا في هذه المدينة المشؤومة إلا مريم وهاهي لا تجيب ... ! 
كانت مريم قد تعرفت عليها في زفاف أخيها محمد .. فهي صديقة عزيزة لحسناء زوجة أخيها  .. كانت فتاة طيبة من عائلة بسيطة تسكن بأحد الأحياء الشعبية بمدينة الرباط ..وقد توطدت علاقتهما بعد ان استضافت عائلة سعاد مريم عندما زارت مدينة الناظور ..واكرمتها لمدة خمسة عشر يوما كاملا... لذلك كانت مريم تدعو  سعاد كثيرا لزيارتها ..
تطلعت سعاد إلى السماء وكأنها تبحث عن الحل هناك .. الافكار تتزاحم في رأسها .. مدت يدها إلى حقيبتها واخرجت هاتفها .. كان قلبها يخفق مع كل رنة .. وتدعو لو ان مريم تجيب ...
- ألو ..مريم ..انا سعاد الحمد لله انك اجبت ..
- سعاد ..كيف حالك ؟وحال عائلتك ؟
لقد اشتقت إليك ..
- كلهم بخير والحمد لله .. أنا هنا ..هنا بالرباط ..
   - أعتذر كثيرا ؛ لقد غادرت الرباط منذ أسبوع ..ولن اعود إلا بعد شهر أو شهرين ..اه لو اتصلت بي من قبل ..
وقبل ان تكمل كلامها قاطعتها سعاد بصوت يعلوه الإحباط :
- لا عليك ، سأتدبر أمري .. مع السلامة ..
شعرت سعاد بخيبة أمل ؛فقد كانت مريم هي رجاءها الوحيد لتقضي معها أياما حتى تجد حلا لمشكلتها ..
كانت الشمس ترسل اشعتها الحارة ، وهدير السيارات الذي لا ينقطع يزيدها توثرا .. تنظر الى وجوه المارة لا تشعر تجاهها بأي شيء ولا تعني لها أي شيء .. كرهت المكان والزمان ..التفتت يمينا فرات شجرة فراحت تستظل تحتها .. كانت الهواجس تتزاحم في رأسها وسيناريوهات مختلفة تتوالى أمام عينيها...

يتبع ...

سعاد والشيطانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن