اسمي نيروز و اسمها خديجة .
و وراء الأسامي تختبئ حقائقنا .
لو سألك أحدهم من أنت ؟ فصدقني أن تخبره باسمك سيكون أغبى الأجوبة ففي النهاية أنت هو الشخص الذي صنعته منك الحياة و الظروف و صقلته اختياراتك الخاصة .
لذلك الآن و بعد جميع هذه السنوات لم أعد أنا أنا و لا هي ظلت هي .
نحن امرأتان جمعت بيننا الأيام ، فرق بيننا الأشخاص و قيدنا العمر بأغلاله .
في المدة الأخيرة أعدت تأملي لهذه الحياة و كلما ازداد تأملي عمقا اكتشفت أنها تدور حول محور ما و تشملنا في دورانها فتختلط علينا الأحداث و الوجوه .
و يصبح ما ظنناه لحظات لا تنسى مجرد ذكريات محاطة بضباب الحيرة و الغموض .
مجرد ذكريات لمجرد حياة .
لكن رغم كل شيء تظل هناك تلك اللحظات التي تمر عليك متمهلة كمشهد بالتصوير البطيء يستطيع المرء في خضمها أن يعي ما يمر به تمام الوعي .
و لا تحتاج سوى أن تغمض عينيك و تترك وعيك ليسافر بك إلى تلك اللحظة بعينها .
و مع أنه علي أن أعود سنوات و سنوات إلى الوراء حتى أسترجع ذلك اليوم الذي رأيت فيه خديجة لأول مرة لكني أعيشه كما لو أنه حدث لتوه .
تعرفت عليها في مناسبة غريبة نوعا ما ، في ذلك الوقت على الأقل .
كان ذلك حين عدت ككل يوم ففتحت لي أمي الباب باسمة و حتى اللحظة أذكر مبادرتها لي قائلة :
" كثيرا ما تمنيت يا ابنتي أن تكون لك أخت ، افرحي إذن فقد تحققت رغبتك "
و لا أدري كيف انطلقت التساؤلات تعبر ذهني بتسارع مناقض تماما لحالة الجمود الشاملة التي تولتني إثر سماعي لما تفوهت به أمي .
من هي أختي ؟ و أين اختبأت كل هذه السنوات ؟ و الأهم كيف وجدت ؟ فأبي مختف منذ سنوات فكيف حملت بها أمي ؟
وضعت أمي حدا لحيرتي و تأويلاتي وهي تجرني إلى غرفتي حيث جلست فتاة متضاحكة و قد سمعت ما دار بيننا .
كان أول ما خطر لي لدى رؤيتي لها أنها ليست جميلة إطلاقا و أني لا أرغب بها كأخت لي .
ما الذي قد يعجبني في تمثال منحوت من الفاقة و البؤس و هكذا بدت لي حينها .
ملابس حقيرة تضم جسما نحيلا ، وجه شاحب بارز الوجنتين و شفتين مبيضتين جافتين ، هذا ما سجلته عيناني و أنا أصعدها بنظرات تعمدت أن تكون مترفعة لكني مع ذلك ، شيء ما بداخلي تسمر بدهشة و أنا ألاحظ كيف تبرق عدستاها بشدة .
YOU ARE READING
قيود العمر بقلم سارة النجار
Romanceما بين أمس عشناه و غد سوف يعيشنا ما بين ما نريده و ما يصيبنا يقيدنا العمر بأغلاله فهل بيدنا القرار و هل لنا من فرار