{ الفَصل الأول }

4.9K 550 1.1K
                                    

فضلًا لا تنسوا التصويت + التعليق بين الفقرات؛ فكل هذا يدفعني لمعرفة آرائكم ومدى رضاكم عن الفصل.

قِراءةٌ ممتعة

-

-

-

[ وجهًا لوجهٍ في النور ]

.

.

نسيمٌ تباهى بلطفِ ملمسه، حمل معه رائحة البحر الندية مُصطحبًا معهما بعضًا من برودة تشرين الأول؛ لم يُحضِر النسيم من معه إلا لينال رضى من يرغب بالتودد إليه.

طول قامته المُعتدلة احتضنها بنطالٌ أسود برفقة سترةٍ بُنيةٍ جلدية تستقر في جيوبها كفيه، بعضُ خصلات شعره الذهبية تتمايل بغنجٍ تحت لمسات النسيم الرقيقة على مرأى الغيوم الرمادية المُتجمعة في السماء، ملامح وجهه الوديعة الملائكية احتضنت تعابير القلق وهي ترى أمواج البحر الثائرة أمامه؛ الساكنُ لن يُستثار ويغضب إلا حينما يطفح كيله.

 تُرى ألأن هذا البحر يشهد مأوى ابن الشيطان طوال العشرين سنة الماضية؟! هل سئم البحر صرخات اليأس من جوف ذلك البائس؟
أغضب البحر وبات يعلن ثورته مُطالبًا بتغيير معتقل الآثم؟ 
في هذا اليوم، بذكرى حبسه الأليمة لفريق الظلام.. جونغكوك يطلق صرخات الألم وهو يواسي جراحه، يُقيم مأتمًا لتاريخ حبٍ دُفن في أعماقه وسبب له جِراحًا لن تندمل.
في كل مرةٍ يظن فيها محبوس الظلام أن الجُرح شُفي وما عاد يتأثر به، حتى يأتي يوم الثالث عشر من تشرين الأول (اكتوبر) لتُفتح جراحه وتذرف دموعها.. بينما تركت الدماء لعينيه، حرفيًا جونغكوك كان يبكي دمًا لمصابه!

هذه المرة.. صرخات جونغكوك تُسمع بوضوح من على مسافةٍ ليست بالهينة، من يدري؟ قد يكون ألمه لإستيعابه أن عشرين سنةً مضت وهو لا يزال حبيس الشقاء، لم يقترب منه أحدٌ سوى جيمين.. إن اعتبرنا طبعًا جيمين أي أحد!
المسافة بينهما كانت محسوبةٌ من قِبَل الملاك، ومرات اللقاء كانت ثلاثًا كل يوم.. صبحًا، غداةً وعشيا. كان جيمين حريصًا على صحة سجينه، ليس حبًا به؛ بل كي يكون بصحةٍ جسديةٍ جيدة وهو يتعذب، عذابه النفسي يحتاج الصحة كي يدوم، وهذا ما كان يرضاه الملاك.
نقي الروح لم يتلوث بخبث الشيطان كي يفعل ذلك، كل ما في الأمر أن العذاب يبقى عذابًا، ووقوعه أمرٌ مُحتم لكل خطاءٍ آثم، وجونغكوك لم يرتكب أي خطيئة.. هو أرتكب اعظمها!

جيمين حرص جاهدًا على ألا يتأثر غاضبًا مع كل جمل جونغكوك الموسوسة وهو يتوسله أن يفلته، أنه سيختفي ولن يرى وجهه مرة أخرى.. لكننا جميعنا نعلم عاقبة وساوس حفيد ابليس، نسقط في هاويتها عميقًا ولن نتخلص من بلائها بسهولة.

جيمين لم ينظر في وجه جونغكوك منذ عشرين سنة، لم يحدثه ولم يلين معه ولو للحظة.. جيمين لم يفقد لطفه، لكنه فقد تعاطفه التام مع سبب شقائهما سويًا، أجيمين يشقى؟! بالطبع! من يتولى حراسة هذا الآثم ويتحمل سماع صوته ليس إلا بشخصٍ يشقى على مدار الساعة.

في السنتين الأخيرة.. جونغكوك بدأ بتقليل توسلاته حتى عُدِمت، كان يراه يضع طعامه أرضًا ثم يدفعه بهدوءٍ وسرعةٍ إليه بعصا خشبية رافقته طيلة السنوات الماضية في تقديم طعام ابن الشيطان.
نظرات جونغكوك التي تتأمل جيمين وهو يخطو تحت نور القمر أو الشمس أو الشموع كانت مليئة بخليطٍ مزج في طياته العتب والكره، كُره؟! أو رُبما هذا ما كان يظن به.. ما رأيكم انتم؟!

ابن الشيطان || نورٌ وظلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن