أتى الصيفُ بحرارتهِ القاتلة يا قلمي
أتى يودّعُ الشتاءَ ويحلُّ محلهُ ،
الصيفُ : فصلُ الشاطئ السكينُ
والبحرُ المتموّجُ .. والرملُ الثقيل ،
بالمناسبة : لا أرى البحرَ هنا !
أينَ البحرَ يا ورقي ؟
أم تريدني أن أكتبَ البحرَ يا حبري ؟
فَ بحري ليسَ بحراً أزرقَ اللونِ
ولا شفافاً يُظهرُ السمكَ !
أنا بحري يُكتبُ في سطورٍ ،
يُحكى بِ أحرفٍ كالقناديلِ ،
يُنطَقُ بِغرقِ العيونِ .. والقلبُ ينبضُ بموجهِ .تحيى القوافي مبعثرةً
يسكنها خوفُ عميقٌ
يتقمصها هدوءُ المحيطِ ،
ترائي بالكبرياءِ ناسها
والناسُ حولها عُميانٌ
وتلاطمُ حروفها كبيرُ
والدمعُ يسكنُ نقاطها .أيا بحراً كيفَ تريدُ وصفُكَ أن يكونَ ؟
بِألوانِ مرجانِكَ ،
أم بِأشكالِ أسماكِكَ ،
وطحالبٌ خضراءُ تَكسيكَ ؟
كيفَ الضوءُ يجيئُكَ ؟
كيفَ هي حياتُكَ ؟
أبالأفكارِ تفيض ؟
أم بِذرفِ الدموعِ الوفير ؟وصوتُ موجكَ ذا
لا يفارقُ مسمعي ..
فَ بِسماعهِ تُثارُ سكينتي
وأمسِكُ القلمَ الرفيعَ
وأكتبُ عمّا أسمعُ ،
لا يسمعُ ذا الصوتُ سوايَ
لا يكتبُ عن موجكَ غيري
أنا هنا لِ أكونَ كاتبتُكَ
انا هنا لكي لا يجف محيطُكَ
فَ فيضانُكَ داخلي لا يهدأُ
والروحُ تسألُ :
متى السكوت ؟
متى يأتي ذاكَ الزمانً الذي ليسَ بهِ ضجيج ؟
متى الرحيلُ يا بحري ؟
متى الجفافُ ومتى تُمطرُ عليكَ سحابةً جديدة ؟
تغسلُ ما بكَ من حروفٍ جارحة ..
تدفِنُ أفكاركَ الدنسة من الورقة !
متى تأتي السماءُ بحبرٍ غامقُ اللونِ
فَ حبري جّفَ من هطولِ مطركَ .أليسَ الموسيقى تُطربُكَ ؟
وتجعلُ من حروفكَ سيمفونيات ،
وسطوري تصبحُ نُظماً موسيقيّ اللون
والورقةُ كما الكمانِ العتيقِ
والقلمُ قوسها عجزَ عن العزفِ القديمِ
عجزَ عن محاكاتِكَ
ورسمِ طربِ موجِكَ ...ياااااه يا بحرُ !
كم من الوقتِ تحدثتُ عنكَ !
وعن موجكَ الأسودُ ،
يا ليتكَ كنتَ وهماً ،
ليتكَ في قصص الخيالِ التي أكتبها ..
ليتكَ لم تكُن بحراً من كَلُم ،
ليتكَ كنتَ نهراً من دمعٍ ثمّ يجُف ؛
وتنتهي قصتُه !